تفهم عن الله ورسوله ما أراده الله ورسوله، وما أكثر الخلل من قوم استدلوا بالنصوص على غير مراد الله ورسوله فحصل بذلك الضلال وهنا أنبّه على نقطة مهمة ألا وهي: أن الخطأ في الفهم قد يكون أشد خطرًا بالجهل؛ لأن الجاهل الذي يخطئ بجهله يعرف أنه جاهل ويتعلم، لكن الذي فهم خطأ يعتقد في نفسه أنه عالم مصيب، ويعتقد أن هذا هو مراد الله ورسوله، ولنضرب لذلك بعض الأمثلة ليتبين لنا أهمية الفهم:
فقد فضَّل الله عز وجل سليمان على داود في هذه القضية بالفهم {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} ولكن ليس هناك نقص في علم داود {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} وانظر إلى هذه الآية الكريمة لما ذكر الله عز وجل ما امتاز به سليمان من الفهم، فإنه ذكر أيضًا ميزة داود عليه السلام، فقال تعالى:{وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} . وذلك حتى يتعادل كل منهما، فذكر الله تعالى ما اشتركا فيه من الحكم والعلم ثم ذكر ما امتاز به كل واحد منهما عن الآخر. وهذا يدلنا على أهمية الفهم، وأن العلم ليس كل شيء.
المثال الثاني:
إذا كان عندك وعاءان أحدهما فيه ماء ساخن دافئ، والآخر فيه ماء بارد قارس، والفصل فصل الشتاء، فجاء رجل يريد الاغتسال من الجنابة، فقال بعض الناس: الأفضل أن تستخدم الماء البارد؛ وذلك لأن الماء البارد فيه مشقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ "، قالوا بلى