فأقبل يحيى على الغساني ومنصور بن زياد والأشعثي ومحمد بن محمد العبدي وكانوا حضوراً في المجلس فقال ما حسبنا إلا وقد احتجنا إلى أن نجدِّد لأبي سماعة منزلا وآلة وحوما ومتاعاً يا غلام ادفع له عشرةَ آلاف درهم وتختافيه عشرة أثواب فدفع إليه فلما خرج تلقَّتهُ أصحابه يهنئونه ويسألونه عن أمره فقال ما عسيتُ أن أقول إلا أنه ابن زانية أبى إلاّ كرماً فبلَّغت يحيى كلمته من ساعته فأمر به فحضر فقال له يا أبا سماعة لم تفرق في هجائنا ولم تغرف في شمتنا قال أبو سماعة ما عرفته أيها الوزير افتراء وكذب عليّ فنظر إلى يحيى مليا ثمّ أنشأ يقول وافر:
إذا ما المرء لم يخدش بظفر ... ولم يُوجد له أن عضَّ نابُ
رمى فيه الغميزة مَن بغاها ... وذلَّلَ من قرائنه الصعابُ
قال أبو سماعة -كلا أيها الوزير- ولكنه كما قال بسيط:
لم يبلغ المجد أقوامٌ وإن شَرفوا ... حتى يذلُّوا وإن عزوا لأقوامِ