وبعض هؤلاء اعترف بكتابة الحديث في العصر النبوي، بعد اطلاعه على ما رواه الخطيب البغدادي في كتابه (تقييد العلم) من الأدلة على ذلك، ومنها: إذن النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة وأمره بها وكتابة الصحابة رضوان الله عليهم بين يديه، إلا أنه حاول أن يدس السم بالعسل، ففرض خلافا بين أهل الحديث وأهل الرأي حول كتابة الأحاديث أدى إلى وضع كل مذهب لأحاديث تناسب رأيه مما أسفر عن وجود نوعين من الأحاديث المتضاربة، منها الذي ينهى عن الكتابة، ومنها ما يأذن بها وبذلك نسب وضع الأحاديث لكلتا الطائفتين، وغيَّب الحكمة من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الكتابة وإذنه بها، وعرَّض ما كتب من الحديث للتهمة بسبب نزاع هذين الفريقين
والحقيقة أنه ليس هناك صراع بين أهل الرأي وأهل الحديث على كتابة الحديث، فمن هؤلاء من كره الكتابة ومنهم من كتب، ومن الفريق الثاني أيضا مثل ذلك وقد تصدى العلماء للرد على هذه الافتراءات رداً مدعما بالحجة والدليل (١) .
أما الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن كتابة الحديث والأحاديث التي وردت عنه في الإذن في ذلك فكان لي معها هذه الوقفات من خلال هذه المفصول بعد المقدمة المذكورة:
الفصل الأول: الكتابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الكتابة عند العرب قبل الإسلام.
(١) انظر تصدير يوسف العش لكتاب " تقييد العلم "، ٢١.