بعد أن تعرضنا لآراء العلماء في التوفيق بين أحاديث النهي وأحاديث الإذن، وقلنا: إن هناك منهجين للعلماء في التوفيق بينهما، أولهما: منهج تعليل الأحاديث الواردة في النهي والإذن، والثاني: منهج دفع التعارض: إما بالنسخ أو الجمع أو الترجيح، نستطيع أن نقول: إن الرأي الراجح هو منهج التعليل في التوفيق بين أحاديث النهي وأحاديث الإذن وذلك لما يلي:
أولاً: أن مسألة الكتابة لا ينهى عنها لذاتها؛ لأنها ليست من القضايا التعبدية التي لا مجال للنظر فيها، ولأنها لو كانت محظورة لذاتها لما أمكن صدور الإذن بها لأحد من الناس كائنا من كان.
وعلى هذا فإنه لابد من علة يدور عليها الإذن والمنع في آن واحد.
يقول الدكتور نور الدين عتر:" والعلة التي تصلح لذلك من وجهة نظرنا هي ضعف الانكباب على درس غير القرآن وترك القرآن اعتمادا على ذلك"(١) .
فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كتابة الحديث الشريف مع القرآن في صحيفة واحدة خوف الالتباس.
وربما يكون ذلك أول الإسلام حتى لا ينشغل المسلمون بالحديث عن القرآن الكريم، وأراد أن يحفظ المسلمون القرآن في صدورهم وعلى الألواح والصحف والعظام توكيدا لحفظه، وترك الحديث للممارسة العملية والتطبيق فكانوا يرون الرسول صلى الله عليه وسلم فيقلدونه ويسمعون منه فيتبعونه،