للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النهي عن الكتابة والإذن فيها، والإذن متأخر فيكون ناسخاً لحديث النهي:

- فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزاة الفتح: "اكتبوا لأبي شاه". يعني: خطبته التي سأل أبوشاه كتابتها.

- وأذن لعبد الله بن عمرو في الكتابة، وحديثه متأخر عن النهي؛ لأنه لم يزل يكتب، ومات وعنده كتابته، وهي الصحيفة التي كان يسميها الصادقة، ولو كان النهي عن الكتابة متأخراً لمحاها عبد الله؛ لأمر النبي بمحو ما كتب عنه غير القرآن، فلما لم يمحها وأثبتها دل على أن الإذن في الكتابة متأخرٌ عن النهي عنها، وهذا واضحٌ، والحمد لله،

- وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته: "ائتوني باللوح والدواة والكتف لأكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً" ...،

وإنما نهى النبي عن كتابة غير القرآن في أول الإسلام؛ لئلا يختلط القرآن بغيره، فلما علم القرآن وتميز، وأفرد بالضبط والحفظ، وأمنت عليه مفسدة الاختلاط أذن في الكتابة. أ. هـ كلامه رحمه الله. وهو كلامٌ نفيسٌ في بابه، وهذا القول هو الذي مال إليه كثيرٌ من الأئمة: كابن شاهين، كما في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (١) ، وابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث " (٢) ، والخطابي في "معالم السنن " (٣) ، والمنذري في "مختصر سنن أبي داود " (٤) ، والنووي في "شرح مسلم" (٥) ، وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٦) ، وتلميذه ابن القيم –كما


(١) ٤٧٢.
(٢) ٢٨٦.
(٣) ٤: ٦١.
(٤) ٥: ٢٤٧.
(٥) ١٨: ١٣٠.
(٦) ٢٠: ٣٢٢.

<<  <   >  >>