الحسيات، مباهت في الضروريات، لكن كان عليه الصلاة والسلام في حالة ضعف الإسلام وأهله، قد أُمر باللين والرفق، وترك أذى الكافرين والمنافقين، كما قال تعالى:{وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُم}[الأحزاب: من الآية٤٨] فلما قويت شوكة الإسلام، وأهله أنزل الله عليه:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم}[التحريم: من الآية٩] وقد قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: من الآية٢٩] فكان في حال جهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم يبذل النصيحة لعموم الخلق، ويرحمهم، ويشفق عليهم، لكن رحمته ولطفه وشفقته بالمؤمنين كما قال تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة:١٢٨] فأخبر أن رأفته ورحمته بالمؤمنين لا بالكفار والمنافقين، بل كان عليهم غليظاً شديداً، بل كان المقصود من إقامة الحدود هو رحمتهم وردعهم من الوقوع في المحرمات والمنهيات.
فهذا التلطف والشفقة والرحمة لا يجوز أن يعامل بها من ينكر علو الله على خلقه، ويعطل أسماءه١ وصفاته، بل يعامل بالغلظة والشدة والمعاداة الظاهرة، وكذلك لا يعامل بها من أشرك بالله وعدل به سواه.