للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ١وذلك "أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل القبلة وعليه رداؤه ثم قال: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض أبدا. فما زال يستغيث بربه حتى التزمه الصديق من ورائه فقال: يا رسول الله! يكفيك بعض مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك" فأنزل الله هذه الآية ٢.

وقوله: {مردفين} أي متتابعين، وقوله: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} ٣، وإلا فهو قادر على نصركم ولهذا قال: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ٤ أي: له العزة ولمن آمن به، حكيم فيما شرعه من القتال مع القدرة على إهلاكهم بدونه.

وقوله: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} ٥ يذكرهم الله تعالى ما أنعم عليهم من إنزال النعاس عليهم في ذلك الموطن، قال ابن مسعود ٦: "النعاس في القتال أمنة من الله، وفي الصلاة (ومجالس الذكر) من الشيطان"؛ وقد أصابهم يوم أحد أيضا.

وقوله: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} الآية، وذلك أنهم حين ساروا إلى بدر كان بينهم وبين الماء رمل فأصاب المسلمين ضعف، وألقى الشيطان


١ سورة الأنفال آية: ٩-١٠.
٢ ابن جرير: ٩/١٨٩ , ابن كثير: ٢/٢٨٩ , ابن الجوزي: ٣/٣٢٥، زاد المعاد: ٢/٨٧ , سيرة ابن هشام: ٢/٢٦٧.
٣ سورة الأنفال آية: ١٠.
٤ سورة الأنفال آية: ١٠.
٥ سورة الأنفال آية: ١١.
٦ ابن جرير: ٩/١٩٣ , ابن كثير: ٢/٢٩١.

<<  <   >  >>