حدث أحد الأصدقاء قال: سأقص عليك قصة لسيت من خيالات الشعراء ولا أكاذيب القصاصين.
أويت إلى مضجعي في ليلة من ليالي الشتاء حالكة الجلباب, غدافية الإهاب، فما استقبلت أول طليعة من طلائع النوم حتى قرع باب غرفتي فتسمعت فإذا الخادم تقول: إن امرأة سيئة الحال بذة الثياب في زي المتسولات تلح في طلب مقابلتك وتقول إن لها عندك شأنا، فقلت في نفسي لا شأن لي مع امرأة, وربما كانت ذات حاجة وكانت حاجتها إلي أكثر من حاجتي إلى النوم، على أن النوم لا يفوتني، فليل الشتاء أطول من يوم القضاء، فارتديت ردائي ونزلت فإذا فتاة في ملاءة بالية وبرقع خلق ينم بجمالها كما ينم السحاب المتقطع بضوء الشمس، وإذا هي ترعد وتضطرب وتقول بصوت شجي: أما في الناس أخو همة ومروءة يعين على الدهر الغادر ويطفئ هذه الجذوة التي تأجج بين أضعالي بقطرة واحدة من الرحمة، فقلت: من أنت