للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بغير ثمن, وهل ابتاعها مبتاعها إلا بمالها وأنفق عليها إلا ثمرتها؟

هنالك قام الوصي وقعد ونادى في الناس بصوت يشبه صوت الحق ونغمة تشاكل نغمة الصدق: أيها الناس, قد كنت أنذرتكم بمصير هذا الغلام إن صار أمره إلى نفسه فكذبتم قولي, وفندتم رأيي وما زلتم تقولون كيت وكيت حتى أحرجتم صدري, ودفعتموني إلى الغدر بذلك العهد الذي أخذه علي ذلك الصديق الكريم أن أتولى شأن ولده من بعده, وألا أتخلى ساعة واحدة عن رعايته وتعهده, فكان ما كان مما تعلمون من تبديد ثروته وتمزيقها, فها أنتم ترون بأعينكم شؤم رأيكم وجريرة سعيكم.

ثم أعاد كرته على الغلام وسعى سعيه في المجلس الحسبي, فأعاده سيرته الأولى ووضع في عنقه غلا لا فكاك له من بعده إلى يوم يبعثون.

ليت شعري هل يعلم ذلك المقبور في لحده ما صنعت يد الحدثان بماله وولده, وأن المال قد ورثه غير وارثه واستأثر به غير صاحبه, وأن الولد قد أصبح بعد ذلك الملك الكبير، والجنة والحرير، يطلب المضغة فتعوزه والجرعة فتتعذر عليه، وأنه يبيت الليالي ذوات العدد مطرحا في زواية من زوايا الحانات لا وطاء غير أديم التراب، ولا غطاء غير قطع السحاب، وهل أعد

<<  <  ج: ص:  >  >>