أم في حوانيت الباعة حيث الغش الفاضح والغبن الفاحش، مزخرفا بالأقوال الكاذبة، والأيمان الباطلة؟
أم في مجالس الأحكام حيث للدينار الأحمر السلطان الأكبر على سلطان العدل وسلطان الذمة وسلطان الشرائع، اللهم إلا ما كان من تلك الألواح المكتوب فيها:"العدل أساس الملك" أو {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} ؟
أم في المساجد حيث يعتقد المصلون أنه لو كانت الفترة بين الصلاتين مائة عام وكانت تلك الأعوام مملوءة بالآثام والجرائم، والمفاسد والمظالم، لكفت تلك الحركات التي يسمونها صلوات، ويحسبونها حسنات، لغفران تلك السيئات؟
أم في معاهد الدين حيث يتلقى المتعلمون الدين جسما بلا روح، وعلما بلا عمل، كأنما يتلهون بدراسة إحدى الشرائع الداثرة، أو أحد الأديان الغابرة، وحيث يتلقون كشكولا عجيبا وخلقا غريبا من الأكاذيب والترهات، فلا تكاد تسمع من أفواههم إلا حديثا موضوعا، أو قولا مصنوعا، أو خرافة تاريخية، أو بدعة دينية، وحيث يقضون حياتهم في المناظرات والمجادلات، والتحاسد والتباغض، والتقاطع والتدابر، وهي بعينها الأخلاق والرذائل التي ما جاءت الأديان إلا لمحاربتها والقضاء عليها، فهم يهدمون من حيث