للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتظهر أهمية الإسناد، والحرصُ على طلبه والسؤال عنه: في أنه وسيلة تمييز الأخبار، وتمحيص الآثار، فعن طريق النظر في الإسناد يُعْرَف الصحيح من الضعيف، ويُنفى الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو عبد الله الحاكم: "فلولا الإسناد، وطلب هذه الطائفة له، وكثرة مواظبتهم على حفظه: لَدَرَسَ١ منار الإسلام، ولَتَمَكَّنَ أهلُ الإلْحَادِ والبدع فيه بوضع الأحاديث، وقلب الأسانيد؛ فإنَّ الأخبارَ إذا تَعَرَّت عن وجودِ الأسانيد فيها كانت بُتْراً"٢.

وقد دلَّ صنيع ابن القَيِّم - رحمه الله - وأقواله في أكثر من مناسبة على الاهتمام بأمر الإسناد، والتوقف عن قبول ما ليس له إسناد، فمن الأمثلة على ذلك:

قوله - رحمه الله - في حديث مالك بن يَخامِر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً: " اللهم صَلِّ على أبي بكر فإنه يحب الله ورسوله ... ": "لا عِلْمَ لنا بصحة هذا الحديث، ولم تذكروا إسنادَهُ لننظر فيه"٣.

وقال مرة في حديثٍ: "لم يُذكر لهذا الحديث إسناد فيُنْظَرَ فيه، وحديث لا يُعْلَمُ حالُهُ لا يُحْتَجُّ به"٤.


١ دَرَسَ المنزل دُرُوساً: عَفَا وخفيت آثاره. (المصباح المنير: ١/١٩٢) .
٢ معرفة علوم الحديث: (ص٦) . والبُتْرُ: جمع أبتر، وهو المنقطع.
٣ جلاء الأفهام: (ص٢٦٩) .
٤ عدة الصابرين: (ص١٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>