للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: في الفرق بين قولهم: "حديث صحيح"، وقولهم: "إسناده صحيح".

تقدَّم في المسألة التي قبل هذه: بيانُ ابن القَيِّم - رحمه الله - لعدم التلازم بين ثقة الرواة وصحة الإسناد، وبين صحة الحديث نفسه.

فإذا تقرر ذلك، فإنه ينبغي التفريق بين قولهم لحديث: "حديث صحيح"، وقولهم: "إسناده صحيح".

وقد نَبَّه على هذه المسألة ابن الصلاح رحمه الله، فقال في "مقدمته"١: "قولهم: هذا حديث صحيح الإسناد أو حسن الإسناد، دون قولهم: هذا حديث صحيح أو حسن، لأنه قد يُقال: هذا حديث صحيح الإسناد. ولا يصح، لكونه شاذاً أو معللاً".

وقد أَكَّدَ ابن القَيِّم هذا المعنى في أكثر من موضع من كتبه، وفي عدة مناسبات، فقال مرة: "ومن له خبرة بالحديث يُفَرِّقُ بين قول أحدهم: هذا حديث صحيح، وبين قوله: إسناده صحيح. فالأول: جَزْمٌ بصحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني: شهادة بصحة سنده، وقد يكون فيه علةٌ أو شذوذ، فيكون سنده صحيحاً، ولا يحكمون أنه صحيح في نفسه"٢.

ولقد كان ابن القَيِّم - رحمه الله - مُطَبِّقَاً لهذا المبدأ في تعامله مع النصوص الحديثية وحكمه عليها، فمن ذلك:

قوله في حديث رواه عبد الرزق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حَلَفَ على يمين،


(ص١٩) .
٢ مختصر الصواعق: (٢/٤٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>