للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَحْنثُ في: لا يأكلُ من هذا البُسر فأكله رُطَبًا، أو من هذا الرُّطَب، أو اللَّبن، فأكله تمرًا، أو شِئرَازًا أو بُسْرًا، فأكل رُطَبًا، أو لحمًا فأكل سمكًا أو لحمًا أو شحمًا، فأكل أَلْيَةً.

===

فعلى ما نوى بالإجماع.

(ولا يَحْنثُ في) حَلِفِهِ (لا يأكلُ من هذا البُسر فأكله رُطَباً، أو) لا يأكلُ (من هذا الرُّطب، أو اللبن فأكله) أي أكل ذلك الرُّطب حال كونه (تمراً، أو) أكل ذلك اللبن حال كونه (شِيْرَازاً) وهو اللبن الخاثرُ إذا استُخْرِجَ ماؤه، لأن صفة البُسرية والرُّطبية واللبنية داعية إلى اليمين، فتُقيدُ بها، لأن الأصل أن كل ما دلّ على صفة، إن كانت داعيةً إلى اليمينِ تُعتبر في المُعرَّف والمُنكَّر، وإن كانت غير داعيةٍ تُعتبر في المُنكَّر دون المُعرَّف، (أو) لا يأكل (بُسْراً فأكل رُطباً) (أو لا يأكل رُطباً فأكل بُسراً) (١) لأنه لم يأكل المحلوف عليه.

(أو) لا يأكل (لحماً فأكل سمكاً) لأنه خلاف العرف، إلا أن يَنْويَهُ، وكذا كل ما يعيشُ في الماء، وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد. والقياسُ أن يحنث، وهو قول مالك ورواية عن أحمد، لأن الله تعالى قال: {لحماً طَرِياً} (٢) والمراد به لحم السمك إجماعاً. وقد استدل الثوري أيضاً بالآية لمن استفتاه فيمن حَلَفَ لا يأكل لحماً، فأكل سمكاً، فجاء إلى أبي حنيفة رحمه الله فأخبره فقال: ارجع إليه فَسْأَله فيمن حلف لا يجلسُ على بساط، فجلس على الأرض فسأله فقال: لا يحنث، فقال: أليس الله تعالى قال: {والله جَعَلَ لكم الأرض بِسَاطاً} (٣) فقال سفيان: كأنك السائل الذي سألني أمسِ، قال: نعم، فقال: سفيان: لا يحنث في هذا ولا في الأول، فرجع عن ذلك القول، فظهر أن تمسك أبي حنيفة إنما هو بالعرف.

((أو) لا يأكل (لحماً (٤) ) أو) لا يأكل (شحماً فأكل ألْيَةً) لأنها نوع ثالث، فإنها لا تُستَعمل استعمال اللحوم ولا استعمال الشحوم، وبه قال بعض أصحاب الشافعي. وقال بعضهم: هي لحم، وبعضهم: هي شحم، وهو قول أحمد. وفي «المحيط»: حلف لا يأكلُ لحم الشاة، فأكل لحم العنز، وهو الأنثى من المَعِز، لا


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) سورة النحل، الآية: (١٤).
(٣) سورة نوح، الآية: (١٩).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>