للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طعامًا، أو شرابًا دُيّن.

وتَصوُّر البِرِّ شَرْطُ صحةِ الحَلِف، خلافًا لأبي يوسف، فمَن حَلَف لأشربنَّ ماءَ هذا الكُوْز اليومَ، ولا ماءَ فيه أو كان فصُبَّ في يومه، لا يحنثُ. وإن أَطْلق عن الوقتِ فكذا في الأَوَّل دون الثاني. وفي نحو لَيَصْعَدَنَّ السماء، أو لَيَقْلِبَنَّ هذا الحجرَ، ذهبًا أو لَتَقْتُلَنَّ فلانًا عالمًا بِموتهِ انعقدَ لتصوُّرِ البِرِّ،

===

طعاماً) في إن أكلت (أو شراباً) في إن شربت (دُيّن) أي صُدِّق دِيَانة، لأن النَّكرة في حيز الشرط تَعم، فتصح نية التخصيص، ولا يُصدَّق قضاءً لأنه نوى خلاف الظاهر، وهو العموم، وفيه تخفيف عليه.

(وتَصوُّر البرِّ شَرْطُ صحة الحَلِف) عند أبي حنيفة ومحمد، وهو قول مالك، ووجه في مذهب الشافعي (خلافاً لأبي يوسف) وهو وجه في مذهب الشافعي، لأن محلَ اليمين خبرٌ في المستقبل قَدَر الحالف أو عَجَز. ولأبي حنيفة محل اليمين المعقودة خبرٌ فيه رجاء الصدق، لأنها تعقدُ للحظر أو الإيجاب، أو لإظهار معنى الصدق، وذلك لا يتحققُ فيما ليس فيه رجاء الصدق (فمَنْ حَلَف لأشربنَّ ماء هذا الكُوْز اليوم، ولا ماء فيه) سَواء عَلِمَ أنَّ فيه ماءً أو لم يعلم (أو كان) عطف على لا ماء، أي أو حلف لأشربنَّ ماء هذا الكوز اليوم وكان فيه ماء (فصب في يومه لا يحنث) عند أبي حنيفة ومحمد، لاستحالة البرِّ أما الأول فظاهر، وأما الثاني فلأن البرَّ في المؤقت يجب أن يكون في آخر الوقت، وهو مستحيل فيه. ويحنث عند أبي يوسف في آخر جزء من أجزاء ذلك اليوم، حتى يجب عليه الكفّارة إذا مضى ذلك اليوم.

(وإن أطلق عن الوقت) بأن قال: لأشربنَّ ماء هذا الكوز بدون ذكراليوم (فكذا في الأول) أي لا يحنث فيما إذا لم يكن في الكوز ماء عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، لأن اليمين لم ينعقد لاستحالة البرَّ للحال، ويحنث عند أبي يوسف (دون الثاني) وهو ما إذا كان في الكوز ماء فصب، فإنه يحنث فيه باتفاق. أما عند أبي يوسف فظاهر، وأما عندهما فلأن البرَّ يجبُ عليه، كما فرغ من اليمين فإذا صب بعد ذلك فقد فات البرُ، فيحنث حينئذ، كما لو مات الحالف والماء باق.

(وفي) الحَلِفِ على ممكن غير واقع بحسب العادة (نحو لَيَصْعدنَّ السماء، أو لَيَقْلِبن هذا الحجر ذهباً، أو ليقتُلنَّ فلاناً عالماً بموته) لأنه حينئذٍ يُراد قتله بعد إحياء الله تعالى، وهو ممكن غير واقع (انعقد) يمينُه (لتصوُّر البِرِّ) في الجُملة، فإِنَّ الصعودَ إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>