للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَو يَدْخُلُ الحَمَّامَ بلا إِزَارٍ، أَو يَأكُلُ الرِّبَا، أَو يُقَامِرُ بالنَّردِ والشِّطْرَنْجِ، أَو تَفوتُهُ الصلاةُ بهما، أَو يَبُوْلُ على الطرِيقِ، أَو يأكلُ فيِهِ، أَوْ مَنْ يُظْهِرُ سَبَّ السَّلَفِ.

ولا تُقْبلُ الشهادةُ على جَرْحٍ مُجَرَّدٍ، وهو: ما يُفْسِّقُ الشاهدَ ولم يُوْجِبْ حقًّا للشَّرْعِ، أَو لِلْعَبْد، مثل: هو فاسق، أو آكِلُ الرِّبا، أَو أَنه استأجرهم.

===

الله تعالى: {يا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} (١) ، والأَمر بالتوقفِ يَمنعُ العمل بالشهادة، (أَوْ) مَنْ (يَدْخُل الحَمَّام بلا إِزَارٍ) لأَنه يَرتكِبُ محرماً، وهو كشفُ العورة، (أَوْ) مَنْ (يأَكل الربا، أَوْ يُقَامِر بالنَّرْد والشِّطْرَنْج، أَوْ) من (تَفُوتُهُ الصلاة بهما) لأَن ذلك كله حرام. وشَرَطَ محمدٌ في «الأصل» أَنْ يكون آكل الربا اشتُهِرَ به، لأَن الإنسان قَلَّما يخلو عن مباشرة عقد فاسد، وذلك رباً، بخلاف أَكل مال اليتيم، حيث لا يُشترطُ فيه ذلك، لأَن التحرز عنه ممكن.

ثم اللعِبُ بالنَّرد بمجرده يُسقط الشهادة، لما روى أَبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنه مَنْ لعب بالنَّرْدَشِيْر فقد عصى أَبا القاسم». واللعب بالشِّطْرَنْج يُسْقِطُها إِذا اقترن بالقِمَار، أَوْ بفوتِ الصلاة، أَوْ بكثرةِ الحَلِف، وأَما إِذا لم يقترن بشيء من هذه الأمور، فإِنه عند مالك والشافعي يباح مع الكراهة، وعندنا وعند أَحمد يَحْرم، فكان حق الماتن أَنْ يقول: أَوْ يَلْعَبُ بالنَّرْدِ أَوْ يُقَامِرُ بالشِّطْرَنْج.

(أَوْ) مَنْ (يَبُوْل على الطريقِ، أَوْ) من (يأكل فيه)، لأَنه إِذا كان لا يستحي عن مثل ذلك لا يستحي عن الكذب، فيُتهم في الشَّهادة (أَوْ مَنْ يُظْهِرُ سَبّ السَّلَفِ) وهم الصحابة والتابعون ومَن اقتفى أَثرهم في الدين.

(ولا تُقْبلُ الشهادةُ على جَرْحٍ مجردٍ وهو) أَي الجَرْح المُجَّرد (ما يُفْسِّقُ الشاهدَ ولم يُوْجِبْ حقاً للشرع، أَوْ للعبد، مثل: هو) أَي الشاهد (فاسقٌ، أَوْ آكل الربا) أَوْ شاربُ خمر، أَوْ زانٍ، أَوْ قاتل نفسٍ، أَوْ شاهد زور.

(أَوْ أَنه) أَي المدَّعي (استأْجرهم) أَي الشهود، أَوْ أَنهم أَقروا أَنهم شَهِدوا بالزور، أَوْ أَنهم أَقروا أَنَّ المُدَّعي مبطِلٌ في هذه الدعوى، أَوْ أَنهم أَقروا أَنْ لا شهادةَ لهم على المُدَّعى عليه في هذه الحالة، لأَن الشهادة إِنما تُقبل على ما يدخُلُ تحت حكم القاضي وفيما وسعه إِلزامه، ومجردُ الفسق ليس كذلك، لأَن الفاسقَ يرتفعُ فِسقه بالتوبة، ولعله تاب في مجلِسِه أَوْ قبله، فلا يتحققُ الإلزام. ولأَنها إِشاعة الفاحشة من غير ضرورة، وإِشاعة الفاحشة فِسْق، لقوله تعالى: {إِنَّ الذِيْنَ يُحِبُّوْنَ أَنْ


(١) سورة الحجرات، الآية: (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>