للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُصرَفُ إِلى الكُلِّ أَوْ البَعْضِ

===

الأَخذ.

(فَيُصْرَفُ إِلى الكُلِّ) أَي كل الأَصناف المذكورة (أَوْ البَعْضِ) ولو كان شخصاً واحداً منهم، روى ذلك الطَّبَرِي (١) في «تفسيره» عن ابن عباس، وعُمر، وحذيفة، وسعيد بن جُبَيْر، وعطاء بن أَبي رباح، وإِبراهيم النَّخَعِي وأَبي العالية، وميمون بن مهران، فلفظ ابن عباس: «في أَيِّ صِنْفٍ وَضَعْتَه أَجْزَأَك». ولفظ عمر: «أَيُّمَا صِنْفٍ أَعطيت من هذا أَجزأَ عنك». ولفظ حذيفة: «إِذا وَضَعْتَها في صِنْفٍ واحدٍ أَجزأَك».

قيل: ولم يُرْو عن غيرهم ما يُخَالفهم قولاً ولا فعلاً، ولم يُرْو عن غيرهم من الصحابة خلاف ذلك فيكون إِجماعاً. وهو قول مالك وأَحمد، ولقوله صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذ: «فأَعْلِمْهُم أَنَّ الله افتَرَضَ عليهم صدقةً في أَموالِهِم: تُؤخَذُ مِنْ أَغنيائهم فَتُرَدّ في فُقَرَائِهِم» (٢) . ولأَنه صلى الله عليه وسلم أَمَرَ لِسَلَمَةَ بن صخر البَيَاضي بصدقةِ قومه.

ولِمَا رَوى القاسم بنُ سَلاَّم: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَتاه مال بعد ذلك، فجعل محله في صنفٍ واحدٍ، وهم المؤلّفة قلوبهم: الأَقْرَع بن حابس، وعُيَيْنَة بن حِصْن (٣) ، وعلقمة بن عُلاثة (٤) ، وزيد الخيل، قسم فيهم ذُهيبة بعث بها معاذ من اليمن، وإِنَّما يؤخذ من أَهل اليمن الصدقة، ثُم أَتاه مالٌ آخَرُ فجعله في صِنْفٍ واحدٍ وهم الغارمون، فقال لِقَبِيصَة بن المُخَارِق ـ حين أَتاه وقد تحمَّل حَمَالة ـ: «يا قَبيصةُ أَقِمْ حتى تأْتينا الصدقة فنأْمر لك بها».

وأَوجبَ الشافعي أَنْ يُقسم على ثلاثة من كل صنف منهم، لأَن الإِضافة بحرف اللام إِنْ لم تُوجِب حقيقةَ المِلْك فلا أَقَلَّ من أَنْ تُوجِبَ الاستحقاق، ولهذا لو أَوْصَى بثُلث ماله لهؤلاء الأَصناف لم يَجُز حِرمانُ بَعْضِهِم، وقد ذُكِر كُلُّ صِنْفٍ بلفظ الجمع، فَوَجب أَنْ يُصْرف اإلى ثلاثة مِنْ كل صنف وإِنْ كان مُحَلَّىً باللام، لأَن الجنس هنا لا يمكن فيه الاستغراق فتبقى الجمعية على حالها.

ولنا: أَنَّ حقيقة اللام للاختصاص الذي هو المعنى الكلّي الثابت في ضمن


(١) حُرِّفَتْ في المطبوعة إلى: الطبراني، وما أثبتناه من المخطوطة وهو الصواب.
(٢) تقدم تخريجه ص: ٥٣٠، تعليق رقم (١).
(٣) في المطبوعة: حصين، والصواب ما أثبتناه من المخطوطة و"الإصابة" ٤/ ٢٦٤.
(٤) في المطبوعة: علاية، والصواب ما أثبتناه من المخطوطة و"الإصابة" ٤/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>