للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَحْلِفُ هِيَ إنْ لَمْ يُقِم.

وَلِلْوَلِيِّ إنكاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَلَوْ ثَيِّباً،

===

لأن بَيِّنَتَهُ تُثْبِتُ اللزومَ، والمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ على النافي، كما هو مُقَرَّرٌ في الأصول (وَلَا تَحْلِفُ هِيَ إنْ لَمْ يُقِم) الزوجُ البَيِّنَة على سكوتها. وعندهما تَحْلِف، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد، وفي «عيون المذاهب»: وبه يُفْتَى، وفي «فتاوى قاضيخان»: إن الفتوى على قولهما في النكاح.

(وَلِلْوَلِيِّ) أباً كان أو جَدًّا (أو غيرهما) (١) (إنكاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَلَوْ) كانت (ثَيِّباً) وقال الشافعي: إن كانت الصغيرة ثَيِّباً، لا يجوز لأحد أن يُزَوِّجها، لأن الثيبَ تُشَاوَر، ولا يُعْتَبَرُ إذنُها قبل البلوغ، فيجب الانتظارُ. وإن كانت بِكراً جاز للأبِ والجدِّ أن يزوِّجها، ولا يجوز ذلك لغيرهما، بناءً على أنّ علة الوِلاية عنده البَكَارةُ، وعندنا عدمُ العقل، أو نقصانُه، لأنه المؤثِّرُ في الولاية على مالها، وعلى نفس الغلام وماله، وعلى المجنونة باتفاق.

واحتج الشافعي بقوله صلى الله عليه وسلم «لا تُنْكَحُ اليتيمةُ حتى تُسْتَأْمَر» ( ١)، واليتيمةُ: الصغيرة التي لا أب لها، وبِأنَّ قُدَامَة بن مَظْعُون زَوَّج بنتَ أخيه عثمان بن مَظْعُون من ابن عمر، فَرَدَّها صلى الله عليه وسلم وقال: «إنها يتيمةٌ، وإنها لا تُنْكَحُ حتى تُسْتَأْمَر» (٢) .

وأُجيب عن الحديث بأن المراد اليتيمةُ البالغة، قال تعالى: {وآتُوا اليَتَامى أمْوَالَهُم} (٣) والمراد البالغين، والدليل عليه أنه مُدَّ إلى غاية الاستئمار، وإنما تُستأمر البالغةُ دون الصغيرة. وتأويلُ حديث قُدَامة أنها بلغت فخيَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها، ألا ترى أنه رُوي عن ابن عمر أنه قال: واللهاِ لقد انْتُزِعَتْ عني بعد أن مَلَكْتُهَا.

هذا، وعَيَّن مالكٌ الأبَ وحدَه للصغير والبِكر، واحتج بأن الولاية على الحرة إنما تَثبت لحاجته، ولا حاجة به (٤) قبل البلوغ لعدم الشهوة، إلا أنّ ولاية الأب ثبتت نصاً على خلاف القياس، فبقي ما سواه على الأصل.

ولنا قوله تعالى: {وإنْ خِفْتُم ألاّ تُقْسِطُوا في اليَتَمَى} الآية (٥) ، معناه: في نكاح


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٢/ ١٣٠.
(٣) سورة النساء، الآية: (٢).
(٤) أي لا حاجة لثبوت الولاية قبل البلوغ.
(٥) سورة النساء، الآية: (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>