للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ: "دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ، لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ". وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَضَاقَتْ بِهِ صُدُورُنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ عليه السلام فَمَا نَدْرِي أَشَيْءٌ بَلَغَهُ مِنْ السَّمَاءِ، أَمْ مِنْ قِبَلِ النَّاسِ؟ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ أَحِلُّوا، فَلَوْلَا الْهَدْيُ الَّذِي مَعِي فَعَلْت كَمَا فَعَلْتُمْ" قَالَ: فَأَحْلَلْنَا حَتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ، وَفَعَلْنَا مَا يَفْعَلُ الْحَلَالُ، حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ التَّابِعِينَ: إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ يَبْطُلُ تَمَتُّعُهُ، قُلْت: رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي "كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ: أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَ الْعُمْرَةِ بَطَلَ تَمَتُّعُهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الرَّازِيُّ فِي "أَحْكَامِهِ".

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ الْعَبَادِلَةِ الثَّلَاثَةِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، قُلْت: الْعَبَادِلَةُ فِي اصْطِلَاحِ أَصْحَابِنَا ثَلَاثَةٌ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، وَفِي اصْطِلَاحِ غَيْرِهِمْ أَرْبَعَةٌ: فَأَخْرَجُوا ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَدْخَلُوا ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَزَادُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ، قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ، وَغَلَّطُوا صَاحِبَ الصِّحَاحِ إذْ أَدْخَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَخْرَجَ ابْنَ الْعَاصِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُ، وَهَؤُلَاءِ عَاشُوا حَتَّى اُحْتِيجَ إلى عملهم، وَيَلْتَحِقُ بِابْنِ مَسْعُودٍ كُلُّ مَنْ سُمِّيَ بِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَهُمْ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ رَجُلًا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ.

فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ - فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ" عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} قَالَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمُ النَّحْرِ مِنْهَا، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"، فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْحَجُّ شَوَّالُ، إلَى آخِرِهِ، وَعَنْ الْحَاكِمِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ" بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" ١ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، انْتَهَى. وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا، فَقَالَ: وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَشْهُرُ الْحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، إلَى آخِرِهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ".


١ عند الدارقطني في "الحج" ص ٢٥٨، وكذا حديثا ابن مسعود، وابن الزبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>