هذا لا يأتي به شرع؛ فإن الربا على الأرض أسهل، وأقل مفسدة من الربا بسلم طويل صعب التراقي يترابى المترابيان على رأسه". انتهى. وهذه الحيلة التي أجازها المصنف داخلة تحت صور العينة التي يمنعها الأئمة، وإن أجازها بعضهم بناء على ظواهر العقود وتوفر شروطها وأركانها، وبناء على ما جرت به عادة المسلمين من سلامة عقودهم من التحيل والخداع والغش والتلاعب بآيات الله. قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" "٣/ ٣٩٧" في مسألة العينة والتورق: "ومن الحيل الباطلة المحرمة التحيل على جواز مسألة العينة، مع أنها حيلة في نفسها على الربا، وجمهور الأئمة على تحريمها". وقال ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" "٣/ ١٨٨" في بيان مسألة التورق وحكمها: "إن باعها إلى غيره "البائع الأول" بيعا ثابتا ولم تعد إلى الأول بحال؛ فقد اختلف الأئمة في كراهته، ويسمونه التورق؛ لأن مقصوده الورق" انتهى. وهذه الصورة التي ذكر ابن تيمية أن السلف اختلفوا في كراهتها، قال عنها تلميذه ابن القيم في "إعلام الموقعين" "٣/ ٢٢٠": "وعن أحمد فيه "التورق" روايتان: الحرمة والكراهة"، وأشار في رواية الكراهة إلى أنه "المتعامل بالتورق" مضطر، وهذا من فقهه رضي الله عنه؛ فإن هذا لا يدخل فيه إلا مضطر، وكان شيخنا ابن تيمية يمنع من مسألة التورق وروجع فيها مرارا وأنا حاضر؛ فلم يرخص فيها، وقال: المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود فيها بعينه مع زيادة الكلفة بشراء السلعة وبيعها والخسارة فيها؛ فالشريعة لا تحرم الضرر الأدنى وتبيع ما هو أعلى ... ودليل المنع قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع"، رواه الخمسة عدا ابن ماجه، وقوله: "من باع بيعتين؛ فله أوكسهما أو الربا"، رواه أبو داود، وإن ذلك لا يمكن وقوعه إلى على العينة انتهى. قلت: الحديث الأول مضى تخريجه "١/ ٤٦٩"، والثاني في "السلسلة الصحيحة" برقم "٢٣٢٦"؛ فلعل الذي يقول بجواز التورق وحرمة العينة للضرورة كما قال أحمد، وعلق عليه ابن =