للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-فِيمَا يَذْكُرُونَ- سَجَدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شُكْرًا١؛ أَفَسَمِعْتَ ذلك؟ قال: "ما سمعت ذلك، و [أنا] أَرَى أَنْ [قَدْ] كَذَبُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَهَذَا مِنَ الضَّلَالِ أَنْ يَسْمَعَ الْمَرْءُ الشَّيْءَ فَيَقُولَ: هَذَا شَيْءٌ لَمْ نَسْمَعْ لَهُ خِلَافًا". ثُمَّ قَالَ: "قَدْ فُتِحَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ؛ أَفَسَمِعْتَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ سَجَدَ؟ إِذَا جَاءَكَ مِثْلُ هَذَا مِمَّا كَانَ فِي النَّاسِ وَجَرَى عَلَى أَيْدِيهِمْ لَا يُسْمَعُ عَنْهُمْ فِيهِ شَيْءٌ؛ فَعَلَيْكَ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَذُكِرَ لِأَنَّهُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الَّذِي قَدْ كَانَ فِيهِمْ؛ فَهَلْ سَمِعْتَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ سَجَدَ؟ فَهَذَا إِجْمَاعٌ، إِذَا جَاءَكَ الْأَمْرُ لَا تَعْرِفُهُ؛ فَدَعْهُ"٢.

هَذَا مَا قَالَ.

وَهُوَ وَاضِحٌ فِي أَنَّ الْعَمَلَ الْعَامَّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَفِي أَيِّ مَحَلٍّ وَقَعَ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَلَائِلِ مَا نُقِلَ، وَلَا نَوَادِرِ الْأَفْعَالِ إِذَا عَارَضَهَا الْأَمْرُ الْعَامُّ وَالْكَثِيرُ.

- وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَلِيلُ خَاصًّا بِزَمَانِهِ أَوْ بِصَاحِبِهِ الذي عمل به، أو خاص بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ؛ فَلَا يَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ فِي غَيْرِ مَا تَقَيَّدَ بِهِ؛ كَمَا قَالُوا فِي مَسْحِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ فِي الْوُضُوءِ: أَنَّهُ كَانَ بِهِ مَرَضٌ٣، وَكَذَلِكَ نَهْيُهُ عَلَيْهِ الصلاة والسلام عن ادخار لحوم الأضاحي


١ مضى تخريجه "ص١٥٨".
٢ انظر: "الاعتصام" "١/ ٤٦٨-٤٧١ - ط ابن عفان"، وما علقناه على "ص١٥٨-١٥٩".
٣ أخرج البخاري في "صحيحه" "كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين، ١/ ٣٠٨/ رقم ٢٠٤، ٢٠٥" عن عمرو بن أمية الضمري؛ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسمح على عمامته وخفيه.
وأخرج مسلم في "صحيحه" "كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة، ١/ ٢٣٠/ رقم ٢٧٤ بعد ٨١" عن المغيرة ضمن حديث فيه: "ومسح بناصيته، وعلى العمامة، وعلى خفية"، وفي لفظ برقم "٢٧٤ بعد ٨٢": "يمسح على الخفين، ومقدم رأسه، وعلى عمامته". وقد وردت أحاديث كثيرة وآثار عن أبي بكر وعمر في المسح على العمامة؛ حتى قال الإمام أحمد: "المسح على العمامة من خمس وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وانظر بسط المسألة في: "المغني" "١/ ٣٠٠"، و"المجموع" "١/ ٤٠٦"، و"الأوسط" "١/ ٤٦٦-٤٧٢"، و"مسائل أحمد" "ص٨" لأبي داود، والحجة على أهل المدينة" "١/ ١٦"، و"الموطأ" "١/ ٤٣"، و"الأم" "١/ ٢٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>