للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَعْيَا الْفُقَهَاءَ وَأَعْجَزَهُمْ أَنْ يَعْرِفُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ"١، وَهَذَا صَحِيحٌ، وَلَمَّا أَخَذَ مَالِكٌ بِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ وَطَرَحَ مَا سِوَاهُ؛ انْضَبَطَ لَهُ النَّاسِخُ مِنَ الْمَنْسُوخِ عَلَى يُسْرٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

وَثَمَّ أَقْسَامٌ أخر يستل عَلَى الْحُكْمِ فِيهَا بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَبِسَبَبِ ذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَتَحَرَّى الْعَمَلَ عَلَى وَفْقِ الْأَوَّلِينَ؛ فَلَا يُسَامِحُ نَفْسَهُ فِي الْعَمَلِ بِالْقَلِيلِ؛ إِلَّا قَلِيلًا وَعِنْدَ الْحَاجَةِ وَمَسِّ الضَّرُورَةِ إِنِ اقْتَضَى٢ مَعْنَى التَّخْيِيرِ، وَلَمْ يَخَفْ٣ نَسْخَ العمل، أو عدم ٤ صحة في الدليل،


= فالأحدث". انظر مثلا: "مختصر المنتهى" "ص١٣٣" لابن الحاجب، و"اللمع" للشيرازي "ص٢٣٩".
أخرج مسلم في "صحيحه" "كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية، ٢/ ٧٨٤-٧٨٥" عن ابن عباس: "خرج صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان حتى بلغ الكديد، ثم أفطر، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره".
وقصر ابن كثير في تخريجه في "تحفة الطالب" "رقم ٢٠٤"؛ إذ اقتصر على إيراد ما عند البخاري في "الصحيح" "كتاب المغازي، باب غزوة الفتح في رمضان على حديث في آخره: "وإنما يؤخد من أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالآخر فالآخر".
والأشد منه قصورا ما فعله الغماري في "تخريج أحاديث اللمع" "رقم ٧٠"؛ إذ أورد تحته: "كان آخر الأمرين ... "، و"أكل آخر أمريه ... "، ولم يخرج الأثر المذكور، والله الموفق.
١ أخرجه الحازمي في "الاعتبار" "ص٣-٤"، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" "رقم ٣".
٢ الضمير للقليل في قوله: "العمل بالقليل"؛ أي: بأن كان الدليل الذي أخذ به يصلح معارضًا لما عمل به الأكثر، ولا يكون ذلك إلا حيث يحتج به وإن ترجح الآخر بكثرة العمل به. "د".
٣ الضمير للعامل؛ فهو مبني للفاعل، وقوله: "أو احتمالا" معطوف على مفعول. "د".
قلت: لأنه ضبطها بفتحتين، أما "ف"؛ فقد قال: "بضم الياء، وفتح الخاء".
وفي "م": "يُخْفَف".
٤ في الأصل: "وعدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>