للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: "الْفَقِيهُ كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ فَقِهَ فِي الْقُرْآنِ، وَعَرَفَ مَكِيدَةَ الشَّيْطَانِ"١، فَقَوْلُهُ: "وَعَرَفَ مَكِيدَةَ الشَّيْطَانِ" هُوَ النُّكْتَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، قال: "قلت للزبير بن العوام: ما لي أَرَاكُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مِنْ أَخَفِّ النَّاسِ صَلَاةً؟ قَالَ: نُبَادِرُ الْوَسْوَاسَ"٢.

هَذَا مَعَ أَنَّ التَّطْوِيلَ مُسْتَحَبٌّ، وَلَكِنْ جَاءَ مَا يُعَارِضُهُ، وَمِثْلُهُ حَدِيثُ: "أفتَّان أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ " ٣.

وَلَوْ تُتُبِّعَ هَذَا النَّوْعُ لَكَثُرَ جِدًّا، وَمِنْهُ مَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَنِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَهُوَ كَثِيرٌ.

وَتَحْقِيقُ الْمَنَاطِ فِي الْأَنْوَاعِ وَاتِّفَاقُ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ مِمَّا يَشْهَدُ لَهُ٤ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ فَرَّعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ، كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا} الآية [المائدة: ٣٣]


١ أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" "٢/ ٨١٧/ رقم ١٥٢٨" بسنده إليه.
٢ أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" "٢/ ٣٦٦-٣٦٧، ٣٦٧/ رقم ٣٧٢٧، ٣٧٣٠"، وابن عساكر وابن النجار، كما في "كنز العمال" "١/ ٣٩٨/ رقم ١٧٠٦"، وإسناده صحيح.
٣ أخرجه الشيخان في "صحيحيهما"" ومضى تخريجه "١/ ٥٢٨، ٢/ ٢٤٨".
وكتب "د": "وكان معاذ يطوِّل بهم في الصلاة؛ فيقرأ بالبقرة، وفيهم أصحاب الحاجات فشكوه، أي: مع أن التطويل مطلوب في الأصل".
قلت: انظر في شرح الحديث: تهذيب سنن أبي داود" "١/ ٤١٥-٤١٧"، و"زاد المعاد" "١/ ٢١٢"، كلاهما لابن القيم.
٤ أي: يشهد للنظر الشخصي الخاص، ويفريعهم على مناط الأنواع كما في الأمثلة لا يتم إلا بالنظر الشخصي الخاص، فلذلك كان النوعي شاهدًا للشخصي الخاص الذي هو بصدد إثباته. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>