للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوُجُودِ الصَّانِعِ وَالرِّسَالَةِ وَالشَّرِيعَةِ، إِذْ كَانَ الِاجْتِهَادُ إِنَّمَا يَنْبَنِي١ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ تُفْرَضُ صِحَّتُهَا، كَانَتْ كذلك في نفس الأمر أولا وَهَذَا أَوْضَحُ مِنْ إِطْنَابٍ فِيهِ.

فَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْمُجْتَهِدَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْمُقَدِّمَاتِ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا لَا يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِصِحَّةِ اجْتِهَادِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى فَرْضِ٢ صِحَّةِ تلك المقدمات، وبرهان الخلف٣ مبني على


= في الشريعة، وقوله: "تفرض صحتها" هذا غير كاف، بل لا بد من تأكده صحتها حتى يكون معتقدًا أو ظانًا صحة الحكم، أما مجرد الفرض، فلا يؤدي إلى حكم مظنون فضلًا عن معتقد، وهذا يقر أيضًا على اجتهاد الكافر؛ لأنه لا يعتقد صحة المقدمات التي ينبني عليها اجتهاده في الشريعة؛ لأنها الكتاب والسنة وما يرجع إليهما، قال في "التحرير" و"شرحه": "وأما العدالة، فشرط قبول فتواه، فإنه لا يقبل قول الفاسق في الديانات، لا شرط صحة الاجتهاد، لجواز أن يكون للفاسق قوة الاجتهاد، فله أن يأخذ باجتهاد نفسه" ا. هـ. فليس الكلام في الكافر على ما رأيت، وقال الآمدي: "شرطه أن يعلم وجوب الرب وما يجب له من الصفات مصدقًا بالرسول وما جاء به". "د".
قلت: "وانظر المستصفى" "٢/ ٣٥٠"، "روضة الناظر" "٣/ ٩٦٠"، "إعلام الموقعين" "١/ ١١"، و"جمع الجوامع" "٢/ ٣٨٥".
١ في "ماء" "ط": "يُبنى".
٢ وهل فرض الصحة يحصل الظن أو العلم بصحة النتيجة، أو أنه يؤول الأمر إلى أن يكون عنده ليس بعلم ولا ظن، بل إن صحت المقدمات وهو لا يعلم بصحتها تكون نتيجة صحيحة؟ فتأمل. "د".
٣ المتقدمون من المناطقة على تركبه من قياسين: اقتراني شرطي، ثم استثنائي، هكذا: لو لم يكن المطلوب حقًّا لكان نقيضه حقًا، ولو كان نقيضه حقًا لكان المحال ثابتًا، ونيتجة هذا لو ثم يكن المطلوب حقًا لكان المحال ثابتًا توضع في الاستثنائي، ويستثنى نقيض تاليها، هكذا لكن المحال غير ثابت، فالمطلوب حق، وبعض المتأخرين على أنه قياس استثنائي فقط مركب من متصلة مقدمها نقيض المطلوب، وتاليها أمر محال يستثنى فيه نقيضه، وعلى كل حال، فالصدق والكذب في الاقتراني الشرطي وكذا في الاستثنائي المتصل إنما يرجع إلى وجود الارتباط والتلازم وعدمهما، وإنتاجها يتوقف على كون ذلك كليًا ودائمًا؛ فأين تكون المقدمات الباطلة في نفس الأمر التي يبني عليها فتقيد العلم بالمطلوب؟
فكلامه غير واضح. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>