للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسَبَّبَاتِ؛ لَزِمَ مِنَ الْقَصْدِ إِلَى الْأَسْبَابِ الْقَصْدُ إِلَى الْمُسَبَّبَاتِ.

وَالثَّالِثُ ١: أَنَّ الْمُسَبَّبَاتِ لَوْ لَمْ تُقْصَدْ بِالْأَسْبَابِ؛ لَمْ يَكُنْ وَضْعُهَا عَلَى أَنَّهَا أَسْبَابٌ، لَكِنَّهَا فُرِضَتْ كَذَلِكَ؛ فَهِيَ وَلَا بُدَّ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنَّهَا أَسْبَابٌ، وَلَا تَكُونُ أَسْبَابًا إِلَّا لِمُسَبَّبَاتٍ، فَوَاضِعُ الْأَسْبَابِ قَاصِدٌ لِوُقُوعِ الْمُسَبَّبَاتِ مِنْ جِهَتِهَا، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، وَكَانَتِ الْأَسْبَابُ مَقْصُودَةَ الْوَضْعِ لِلشَّارِعِ؛ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْمُسَبَّبَاتُ كَذَلِكَ.

فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُسَبَّبَاتِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِلشَّارِعِ مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ بِالْأَسْبَابِ٢؟

فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَصْدَيْنِ مُتَبَايِنَانِ، فَمَا تَقَدَّمَ هُوَ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَقْصِدْ فِي التَّكْلِيفِ بِالْأَسْبَابِ التَّكْلِيفَ بِالْمُسَبَّبَاتِ؛ فَإِنَّ الْمُسَبَّبَاتِ غَيْرُ مَقْدُورَةٍ لِلْعِبَادِ كَمَا تَقَدَّمَ, وَهُنَا إِنَّمَا مَعْنَى الْقَصْدِ إليها أن الشارع [مما] ٣ يَقْصِدُ وُقُوعَ الْمُسَبَّبَاتِ عَنْ أَسْبَابِهَا؛ وَلِذَلِكَ وَضَعَهَا أَسْبَابًا، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ خِطَابِ التَّكْلِيفِ, وَإِنَّمَا فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْقَصْدَ إِلَى مُجَرَّدِ الْوُقُوعِ خَاصَّةً؛ فَلَا تناقض بين الأصلين.


١ تأمل في هذه المقدمات لتعرف ما يحتاج إليه منها في غرضه وما لا يحتاج إليه، وهل بقيت حاجة إلى قوله: "وإذا ثبت هذا ... " إلخ بعد قوله: فواضع الأسباب قاصد المسببات من جهتها؟ أليس هذا هو الدعوى المطلوبة؟ لكنه جعلها من المقدمات ورتب عليها قوله: "وإذا ثبت هذا ... " إلخ، وهل معنى قصد وضعها مسببات زائد على قصد وقوع المسببات من جهتها؟ "د".
قلت: قارن ما عند المصنف بـ"مجموع فتاوى ابن تيمية" "٨/ ١٧٩-١٨٣، ٢٨٧".
٢ في الأصل: "المسببات".
٣ ما بين المعقوفتين زيادة من الأصل و"ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>