للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا انْبَنَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ.

فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:

أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ مُنْقَلِبٌ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الرُّخَصُ كُلُّهَا مَأْمُورًا بِهَا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا، إِذْ مَا مِنْ رُخْصَةٍ تُفْرَضُ إِلَّا وَهَذَا الْبَحْثُ جارٍ فيها, فإذا كان مشترك الإلزام؛ لم ينتهض دَلِيلًا١، وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْإِلْزَامَاتِ.

وَالثَّانِي:

إِنَّهُ إِنْ سَلَّمَ؛ فَلَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:

إِنَّ انْحِصَارَ الرُّخَصِ فِي الْقِسْمَيْنِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ لِإِمْكَانِ قِسْمٍ ثَالِثٍ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَرَجُ مُؤَثِّرًا فِي الْعَمَلِ، وَلَا يَكُونَ الْمُكَلَّفُ رَخِيَّ الْبَالِ عِنْدَهُ٢، وَكُلُّ أَحَدٍ يَجِدُ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ أَوِ السَّفَرِ حَرَجًا فِي الصَّوْمِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ عَنْ سَفَرِهِ، وَلَا يُخِلُّ بِهِ فِي مَرَضِهِ، وَلَا يُؤَدِّيهِ إِلَى الْإِخْلَالِ بِالْعَمَلِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يَعْرِضُ مِنَ الرُّخَصِ، جارٍ فِيهِ هَذَا التَّقْسِيمُ، وَالثَّالِثُ هُوَ مَحَلُّ الْإِبَاحَةِ؛ إِذْ لَا جَاذَبَ [لَهُ] ٣ يَجْذِبُهُ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ.

وَالْآخَرُ:

أَنَّ طَلَبَ الشَّرْعِ لِلتَّخْفِيفِ حَيْثُ طَلَبُهُ٤ لَيْسَ مِنْ جهة كونه


١ لأنه يقال للسائل: الاعتراض مشترك، فما هو جوابكم هو جوابنا، يعني ومثله لا يذكر في طريق الإلزام. "د".
٢ هو الذي قال فيه: "مغلوب صبره، مهزوم عزمه". "د".
قلت: وفي الأصل: "البال عنه".
٣ ما بين المعقوفتين من الأصل و"م" و"خ" و"ط"، وليست في "د".
٤ راجع لقوله: "وَإِذَا كَانَتْ مَأْمُورًا بِهَا؛ فَلَا تَكُونُ رُخْصَةً"؛ فالجواب الأول: يراعى أن هناك محلا للرخصة التي الكلام فيها وهي المباحة؛ لوجود قسم ثالث لم يذكره في السؤال، على ما فيه مما أشرنا إليه، والجواب الثاني: ترق على هذا يقول: الرخصة موجودة حتى في المأمور به، =

<<  <  ج: ص:  >  >>