للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُتَصَوَّرُ هُنَا النَّظَرُ فِي أَبْحَاثٍ هِيَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَلَكِنَّهَا غَيْرُ قَادِحَةٍ فِي أَصْلِنَا الْمَذْكُورِ، إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ خِلَافٌ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَقْلِيٌّ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ الْخِلَافُ فِي إِلْحَاقِ الْفُرُوعِ بِهِ أَوْ عَدَمِ إِلْحَاقِهَا بِهِ١.

بَيَانُ الرَّابِعِ مِنْ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا:

أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ لَمَّا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي تَأَكُّدِ الِاعْتِبَارِ، فَالضَّرُورِيَّاتُ آكَدُهَا، ثُمَّ تَلِيهَا الْحَاجِيَّاتُ وَالتَّحْسِينَاتُ، وَكَانَ٢ مُرْتَبِطًا بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، كَانَ فِي إِبْطَالِ الْأَخَفِّ جُرْأَةٌ عَلَى مَا هُوَ آكَدُ مِنْهُ، وَمَدْخَلٌ لِلْإِخْلَالِ بِهِ، فَصَارَ الْأَخَفُّ كَأَنَّهُ حِمًى لِلْآكَدِ، وَالرَّاتِعُ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، فَالْمُخِلُّ بِمَا هُوَ مكمِّل كَالْمُخِلِّ بالمكمَّل مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَمِثَالُ ذَلِكَ الصَّلَاةُ، فَإِنَّ لَهَا مكملات وهي ما٣ سِوَى الْأَرْكَانِ وَالْفَرَائِضِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُخِلَّ بِهَا مُتَطَرِّقٌ لِلْإِخْلَالِ بِالْفَرَائِضِ وَالْأَرْكَانِ، لِأَنَّ الْأَخَفَّ طَرِيقٌ إِلَى الْأَثْقَلِ.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "كَالرَّاتِعِ حول الحمى يوشك أن يقع فيه" ٤.


١ باعتبار الاختلاف في وصفية هذه الفروع لأصلها: هل هي أوصاف مكملة أم أوصاف ذاتية "د"
٢ كذا في "د" و"خ" و"ط"، وفي الأصل و"م": "كانت".
٣ كذا في "ط"، وفي غيره: "هنا"
٤ قطعة من حديث أوله: "إن الحلال بين وإن الحرام بين...." وفيه: "ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه"، أخرجه البخاري في "الصحيح" "كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، ١/ ١٢٦/ رقم ٥٢، وكتاب البيوع، باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات، ٤/ ٢٩٠/ رقم ٢٠٥١"، ومسلم في "الصحيح" كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، ٣/ ١٢١٩- ١٢٢٠/ رقم ١٥٩٩"عن النعمان ابن بشير رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>