للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا ١ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [الْبَقَرَةِ: ٢١٩] .

وَالشَّرِيعَةُ [كُلُّهَا] ٢ إِنَّمَا هِيَ تَخَلُّقٌ بمكارمِ الْأَخْلَاقِ، وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ" ٣.

إِلَّا أَنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ إِنَّمَا كَانَتْ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:

مَا كَانَ مَأْلُوفًا وَقَرِيبًا مِنَ الْمَعْقُولِ الْمَقْبُولِ، كَانُوا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا خُوطِبُوا بِهِ، ثُمَّ لَمَّا رَسَخُوا فِيهِ تَمَّمَ لَهُمْ مَا بَقِيَ، وَهُوَ:

الضَّرْبُ الثَّانِي:

وَكَانَ مِنْهُ مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ فأُخِّرَ، حَتَّى كَانَ مِنْ آخِرِهِ تَحْرِيمُ الرِّبَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَهُوَ الَّذِي كان معهودا٤ عندهم على الجملة.


١ في "خ": "فيها".
٢ ليست في الأصل.
٣ مضى تخريجه "ص ٤١".
٤ لو لم يكن للعرب عهد بالتعرف عن مكارم الأخلاق رأسا، ثم جاء الرسول ببيان الفضائل والرذائل من الأخلاق، لما وسعهم بعد التصديق بالرسالة إلا الأخذ بالمكارم، كما هو الحال فيما أخطئوا فيه من أصولها، كوأد البنات والربا، والخمر، والسلب والنهب، وغيرها من الرذائل التي تأصلت فيهم، ومع ذلك، فالإيمان بكتاب الله وسنة رسوله طهرتهم من هذه الأرجاس تطهيرا، فلا علاقة لأمية الشريعة بهذه المباحث، ولا توجد أمة من الأمم إلا وفيها شيء من المكارم وشيء من الرذائل، لا خصوصية لجاهلية العرب، بل هذا في كل جاهلية. "د".
قلت: خلتان فضلت بهما العرب على سائر الناس: الأولى الصدق، والثانية الجود، فالصدق بناء العبادات، والجود بناء المعاملات، ويعبر عن الأصلين بالصلاة والزكاة ألا ترى كيف كانوا يمدحون بهاتين الصفتين؟ قال صخر أخو الخنساء يرثي أخا لها:
وطيب نفسي أنني لم أقل له ... كذبت ولم أبخل عليه بماليا
أفاده الفراهي في "القائد" "ص ١٨٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>