أَوْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةً لِمَا اقْتَضَى النَّفِيرَ جَمِيعًا
وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ مَنْعَ النَّفِيرِ جَمِيعًا حَيْثُ يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا جَمِيعًا وَيَتْرُكُوهُ وَحْدَهُ
وَالْحَمْلُ أَيْضًا عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى مِنْ هَذَا لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي أَنَّ نَفِيرَهُمْ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَالْإِنْذَارِ وَنَفِيرُهُمْ مَعَ بَقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُمْ لَا يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ بِالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ إِذِ التَّفَقُّهُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعَلُّمُ الشَّرَائِعَ مِنْ جِهَتِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ خُرُوجُهُمْ عَلَيْهِ مُعَلِّلًا لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فاتقوا الله ما استطعتم} فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّسْهِيلِ وَالتَّخْفِيفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّشْدِيدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَا وُجِدَتِ الِاسْتِطَاعَةُ فَاتَّقُوا أَيْ لا تبقى مِنَ الِاسْتِطَاعَةِ شَيْءٌ
وَبِمَعْنَى التَّخْفِيفِ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا تَيَسَّرَ عَلَيْكُمْ أَوْ مَا أَمْكَنَكُمْ مِنْ غَيْرِ عُسْرٍ
قَالَ الشيخ تقي الدين الفشيري: وَيُصْلِحُ مَعْنَى التَّخْصِيصِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"
فَصْلٌ في الظاهر والمؤول
وَقَدْ يَكُونُ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِمَعْنَيَيْنِ وَهُوَ فِي أَحَدِهِمَا أَظْهَرُ فَيُسَمَّى الرَّاجِحَ ظَاهِرًا وَالْمَرْجُوحَ مُؤَوَّلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute