وهنا فائدة وهي أنه لم عَدَلَ عَنْ "إِنْ نَصَحْتُ" إِلَى {إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ} ؟ وَكَأَنَّهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَدَبٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ أَرَادَ الْإِغْوَاءَ
وَقَدْ أَحْسَنَ الزمخشري فَلَمْ يَأْتِ بِلَفْظِ الِاعْتِرَاضِ فِي الْآيَةِ بَلْ سَمَّاهُ مُرَادِفًا هُوَ صَحِيحٌ وَقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} جَزَاؤُهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي}
وَجَعَلَ ابْنُ مَالِكٍ تَقْدِيرَ الْآيَةِ: إِنْ أَرَدْتُ أَنْصَحَ لَكُمْ مُرَادًا ذَلِكَ مِنْكُمْ لَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي وَهُوَ يَجْعَلُهُ مِنْ بَابِ الِاعْتِرَاضِ وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَا
الْآيَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} الْآيَةَ وَهِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا لِتَقَدُّمِ الْجَزَاءِ أَوْ دَلِيلِهِ عَلَى الشَّرْطَيْنِ فَالِاحْتِمَالُ فِيهَا كَمَا قَدَّمْنَا
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: شَرْطٌ فِي الْإِحْلَالِ هِبْتُهَا نَفْسَهَا وَفِي الْهِبَةِ إِرَادَةُ الِاسْتِنْكَاحِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَحْلَلْنَاهَا لَكَ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَهَا لِأَنَّ إِرَادَتَهُ هِيَ قَبُولُ الْهِبَةِ وما به تتم
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ الثَّانِيَ مُقَيِّدٌ لِلْأَوَّلِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الِاعْتِرَاضِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَحْلَلْنَاهَا فَيَكُونُ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ وَيُقَدَّرُ جَوَابُ الثَّانِي مَحْذُوفًا
الْآيَةُ الرابعة: قوله تعالى: {وقال موسى يا قوم إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كنتم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute