للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ شَيْئًا مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ قَطُّ. فَالْتَفَتَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، إِلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: رَأَيْتُمْ مَا يَقُولُ سَلْمَانُ؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الْأُولَى فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ، أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا قُصُورُ الْحِيرَةِ وَمَدَائِنُ كِسْرَى، كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلَابِ، وَأَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا. ثُمَّ ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الثَّانِيَةَ فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ، أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا الْقُصُورُ الْحُمْرُ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلَابِ، وَأَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا ثُمَّ ضَرَبْتُ ضَرْبَتِي الثَّالِثَةَ، فَبَرَقَ الَّذِي رَأَيْتُمْ، أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا قُصُورُ صَنْعَاءَ كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلَابِ، وَأَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةٌ عَلَيْهَا، فَأَبْشِرُوا. فَاسْتَبْشَرَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَوْعِدُ صِدْقٍ، وَعَدَنَا النَّصْرَ بَعْدَ الْحَفْرِ. فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: أَلَا تَعْجَبُونَ يُمَنِّيكُمْ وَيَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ، وَيُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ يُبْصِرُ مِنْ يَثْرِبَ قُصُورَ الْحِيرَةِ وَمَدَائِنَ كِسْرَى، وَأَنَّهَا تُفْتَحُ لَكُمْ، وَأَنْتُمْ إِنَّمَا تَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ مِنَ الْفَرَقِ، وَلَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَبْرُزُوا! قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَوْلَهُ: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ الْآيَةَ) .

[٩٠] قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ... [٢٨] .

«٢٠٠» - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَهْمَسُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَقَيْسِ بْنِ زَيْدٍ- وَهَؤُلَاءِ كَانُوا مِنَ الْيَهُودِ- يُبَاطِنُونَ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ لِيَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ فَقَالَ رِفَاعَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ خَيْثَمَةَ لِأُولَئِكَ النَّفَرِ:

اجْتَنِبُوا هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ، وَاحْذَرُوا لُزُومَهُمْ وَمُبَاطَنَتَهُمْ لَا يَفْتِنُوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ. فَأَبَى أُولَئِكَ النَّفَرُ إِلَّا مُبَاطَنَتَهُمْ وَمُلَازَمَتَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.


(٢٠٠) أخرجه ابن جرير (٣/ ١٥٢) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٥٤) .
وعزاه في الدر (٢/ ١٦) لابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم.

<<  <   >  >>