للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه مسألة مهمة جدًّا فالولاية الكاملة والأقوى للأب؛ ولذلك له أن يجبر ابنته الصغيرة على النكاح، لكن هل هذه القوة في ولاية الأب تنصرف إلى ما يتعلق بالأمر المالي؟ أي: بالصَّداق؛ لأن الصداق هو خالص حق المرأة، فهل العفو عنه مرتبطٌ بالمرأة نفسها؟ وليس لأحدٍ أبًا كان أو غيره أن يعفو عن شيء منه، أم أن له ذلك؟

والجواب: هذه مسألةٌ اختلف فيها العلماء، وانفرد مالكٌ: بأن للأب أن يعفو، وخالفه الأئمة الثلاثة، وسيأتي التعقيب على الآية التي يستدل بها كلٌّ من الفريقين.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هُوَ الاحْتِمَالُ الَّذِي فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧]).

قوله تعالى: {يَعْفُونَ} المقصود بذلك النساء، والواو هي واو الفعل؛ يعني: حرف علة، وليست واو الجماعة (١)؛ أي: النساء هي صاحبة الحق، وقوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}، فالذي بيده عقدة النكاح هو الولي كما نصَّ الإمام مالك (٢) ومعه جماعة على


= ليسلم لها كل المهر إذ لم يبق للولي بعد العقد عقدة. وللقديم شروط: وهي أن يكون الولي أبًا أو جدًّا لمكان شفقتهما. وأن يكون قبل الدخول. وأن تكون بكرًا صغيرة عاقلة. وأن يكون بعد الطلاق. وأن يكون الصداق دينًا في ذمة الزوج لم يقبض".
ومذهب الحنابلة في مشهور المذهب. يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٣/ ٢١٨)؛ حيث قال: "ولا يملك الأب العفو عن نصف مهر ابنته الصغيرة إذا طلقت ولو قبل الدخول ولا الكبيرة ولا غيره من الأولياء". وانظر الرواية الأخرى في: "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٢٧٢).
(١) انظر: "اللمحة في شرح الملحة"، لابن الصائغ (٢/ ٩١٨)؛ حيث قال: "وتعود لام الفعل منه إذا كان آخر الفعل معتلًّا فيبقى على حالته، كقولك: (الهندات يعفون)، و (يرمين)، و (لن يعفون)، و (لم يرمين) ".
(٢) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٥/ ٢٢٥، ٢٢٦)؛ حيث قال: "وهو نص قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}، يريد الزوجات المالكات لأمورهن {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}، يريد الأب في أبنته البكر والسيد في أمته".

<<  <  ج: ص:  >  >>