للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، والجمهور (١): يَرَوْنَ أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، فلماذا اختلفوا في هذه الآية؟ وهل الآية محتملة ذلك؟

الجواب: الإمام مالكٌ - رحمه الله - ومن معه، يَرَوْنَ أن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي؛ لأنه هو الذي يملك في هذا المقام عقدة النكاح، أما الزوج فقد خرجت يده، ولا سلطة له على المرأة بعد الطلاق، فانتهى أمره في ذلك، وأصبح الولي.

أما جمهور العلماء فقالوا: أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج؛ لأنه هو الذي بإمكانه أن يستمر النكاح أو أن يقطعه، ويستدلون بحديثٍ فيه ضعف ورد في "سنن الدارقطني": "ولي العقدة الزوج" (٢)، قالوا: فهذا نص والقصد بالعقدة هي: "عقدة النكاح"، ثم يقولون: عندما نُلقي نظرةً فاحصة وعميقة على الآية، نجد أن الله - سبحانه وتعالى - يقول بعد ذلك: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، والذي يكون العفو أقرب منه للتقوى هو الزوج؛ لأنه في هذه الحالة إذا عفا فيتجاوز عن حقٍّ من حقوقه؛ ولذلك الله - سبحانه وتعالى - بعد ذلك قال: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، وأما عفو الولي فلا يعتبر أقرب للتقوى؛ لأنه عفا عن أمرٍ لا يملك العفو فيه، ومذهب الجمهور (٣) في هذه المسألة


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٥/ ١٣٩)؛ حيث قال: "قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}، فذهب أصحابنا إلى أنه الزوج".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "فتح الوهاب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٧١)؛ حيث قال: "والذي بيده عقدة النكاح في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} هو الزوج؛ لتمكنه من رفعها بالفرقة فيعفو عن حقه ليسلم لها كل المهر لا الولي إذ لم يبق بعد العقد عقدة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ١٩)؛ حيث قال: " (والذي بيده عقدة النكاح) في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (الزوج) لا ولي الصغيرة".
(٢) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٤/ ٤٢٣) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولي عقدة النكاح هو الزوج". وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١٩٣٥).
(٣) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٧/ ٢٥٤)؛ حيث قال: "ولأن الذي بيده عقدة النكاح =

<<  <  ج: ص:  >  >>