للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ نَقُولُ: لَا يَبْطُلُ فِي حَقِّهِمَا بَلْ يَصِيرُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِمَا ابْتِدَاءً فِيهِ نَظَرٌ وَاحْتِمَالٌ مُسْتَمَدٌّ مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ:

(إحْدَاهُمَا) لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو ثُمَّ بَكْرٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَصْرِفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يَصْرِفُ إلَى بَكْرٍ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مَشْرُوطٌ بِاسْتِحْقَاقِ عَمْرٍو وَلَمْ يُوجَدْ.

وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ يَصْرِفُ إلَى بَكْرٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَوْقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ انْقِرَاضُ عَمْرٍو لِاسْتِحْقَاقِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ قَالَ بِالصَّرْفِ إلَى الْفُقَرَاءِ وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِالثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِالصَّرْفِ إلَى الْفُقَرَاءِ بِحُكْمِ الِانْقِطَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْمُنْقَطِعِ إنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِذَا أَلْحَقْنَا مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ بِمَسْأَلَةِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ تَرَجَّحَ فِيهَا أَنَّهُ يَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: وَقَفْت عَلَى وَلَدَيْ أَخِي.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ ثُمَّ عَلَى مَنْ يَجُوزُ. وَفِيهَا طَرِيقَانِ: الْمَذْهَبُ الْقَطْعُ فِي الْبُطْلَانِ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى هَذَا تَبْطُلُ وَالْمَشْهُورُ عَلَى هَذَا أَنَّهَا تَبْطُلُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَفِي وَجْهٍ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيمَا بَعْدَهُ وَلَكِنِّي لَمْ أَتَحَقَّقْ التَّصْرِيحَ بِجَرَيَانِ هَذَا الْوَجْهِ مَعَ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ. إذَا عَرَفْت هَذَا عَرَفْت أَنَّ الرَّاجِحَ إذَا نَظَرْت إلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَحْرِيرُ مَا تَحَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ أَبْيَارَ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) وَصَّى بِأَنْ تَكُونَ دَارُهُ وَقْفًا بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ زَيْدٌ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي؟

(الْجَوَابُ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُجْعَلَ كَالْمُنْقَطِعِ بِأَنْ يُقَدَّرَ أَنَّهُ قَالَ: وَقَفْتُهَا عَلَى زَيْدٍ الْمَيِّتِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ إنَّمَا ذُكِرُوا تَبَعًا لَا أَصَالَةً وَلَكِنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ، وَلَا تُوقَفُ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْإِضَافَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ الْمُضَافَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ صَحِيحٌ كَالْوَصِيَّةِ وَلَا مِنْ جِهَةِ اخْتِلَافِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو ثُمَّ بَكْرٍ فَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ التَّصْحِيحَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ أَنَّهُ يَصْرِفُ إلَى بَكْرٍ بَعْدَ زَيْدٍ وَإِنَّمَا التَّوَقُّفُ لِمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْمُنْقَطِعَ حَالَ الْحَيَاةِ إنَّمَا نُبْطِلُهُ لِلتَّعْلِيقِ وَالتَّعْلِيقُ فِي الْوَصِيَّةِ لَا يَضُرُّ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) وَصَّى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ثُلُثِهِ عَقَارًا وَيُوقَفَ عَلَى أَخِيهِ ثُمَّ ابْنَيْ أَخِيهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَخُوهُ قَبْلَهُ وَوَرِثَهُ أُخْتُهُ وَابْنَا أَخِيهِ الْمَذْكُورَانِ. فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ أَيْضًا بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَصِيَّةُ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَلَكِنَّهُ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّيْءُ صَحِيحًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>