للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَابِعًا أَوْ مُسْتَقِلًّا. وَالْوَصِيَّةُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا فَلَا يَمْتَنِعُ إضَافَتُهَا إلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى جَعْلِهِ تَابِعًا بِخِلَافِ الْوَقْفِ الْمُسْتَجَدِّ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نَجْعَلْهُ تَابِعًا لَبَطَلَ فَدَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى جَعْلِ التَّبَعِيَّةِ مُوجِبَةً لِلصِّحَّةِ فَكَذَلِكَ أَقُولُ أَيْضًا إنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى ابْنَيْ أَخِيهِ كَالْوَصِيَّةِ لَهُمَا وَهِيَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ فَإِذَا أَرَدْت فَالْكَلَامُ فِيمَنْ بَعْدَهُمَا فَالْكَلَامُ فِيهِمَا مَعَ مَنْ قَبْلَهُمَا وَالتَّفْرِيعُ عَلَى أَنَّهُ كَالْمُسْتَقْبَلِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفُقَرَاءِ فَيَشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ وَيُوقَفُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ اعْتَرَضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا فِيمَا إذَا أَوْصَى لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ وَقَالُوا فِي الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ فَبَطَلَ فِي الْكُلِّ عَلَى الصَّحِيحِ

قُلْت: أَمَّا فِي الْوَارِثِ فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْحَةٌ لَا وَصِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً حُكْمًا وَكَلَامُنَا هُنَا فِي الْوَصِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي لَا يَقْدَحُ التَّعْلِيقُ فِيهَا، وَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْأَصْحَابُ أَطْلَقُوا الْبُطْلَانَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفًا لَازِمًا؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِيهِ إمَّا أَنَّهُ إذَا بَقِيَ فِي مِلْكِهِ إلَى أَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ عَنْ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ فَلَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاعْلَمْ بِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ يُوقَفُ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِهِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ انْقِرَاضِ مُحَمَّدٍ وَأُخْتِهِ الْوَارِثَيْنِ كَمَا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَكَانَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ انْقِرَاضُهُ فَيَشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا شَرَطَهُ الْمُوصِي وَيَكُونُ بِيَدِ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ عَلَى حُكْمِ مَوَارِيثِهِمْ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَابْنَيْ الْأَخِ النِّصْفُ يَشْغَلُونَهُ مَا دَامَ مُحَمَّدٌ أَوْ أُخْتُهُ بَاقِينَ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَكَذَلِكَ وَرَثَةُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ لَكِنَّهُمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمْ فِيهِ لَا يَبِيعُونَهُ لِأَجْلِ حَقِّ الْوَقْفِ فِيهِ فَإِذَا انْقَرَضَ مُحَمَّدٌ وَأُخْتُهُ جَمِيعًا تَوَقَّفَ ذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ. هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ رَدِّ الْوَصِيَّةِ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ الْإِجَازَةِ، فَإِنْ أَجَازَتْ الْأُخْتُ وَابْنَا الْأَخِ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمَا وَكَذَا إنْ أَجَازَتْ الْأُخْتُ وَحْدَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاَلَّذِي كَتَبْتُهُ عَلَى الْفَتْوَى الْمَذْكُورَةِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ فَقَطْ وَتَصِحُّ فِي حَقِّ وَلَدَيْهِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا بِإِجَازَةِ الْأُخْتِ، فَإِنْ أَجَازَتْ فَرَدَّا أَوْ رَدَّتْ بَطَلَ فِي حَقِّهِمَا وَيَصِحُّ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ فُقَرَاءِ الْأَهْلِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَيَشْتَرِي الْوَصِيُّ أَوْ الْقَاضِي إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ عَقَارًا أَوْ تَكُونُ غَلَّتُهُ الْآنَ لِلْوَرَثَةِ وَهُمْ الْأُخْتُ وَابْنَا الْأَخِ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بَيْعُهُ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يُبْطِلُ الْوَقْفَ فَإِذَا انْقَرَضَ مُحَمَّدٌ وَأُخْتُهُ الْمَذْكُورَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>