للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكثروا ولزموا الباب بالليل والنهار وسمع السلطان بكثرة الناس فوكل ببابه وباب الزقاق المرابطة وأصحاب الأخبار فأغلق باب الزقاق وكان الناس بالشوارع والمساجد حتى تعطل بعض الباعة وكان ابن عطاء يتعاهده بالغداة والعشي ولم يجتمعا وجاء إليه حاجب ابن طاهر وقالا أن الأمير يقرئك السلام وهو يشتهي أن يراك فقال له هذا مما أكره وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون وجاء قوم من القضاة وغيرهم فلم يؤذن لهم وكان يخدمه في أموره المروذي وكان قد كتب وصيته فقال اقرأوها فقرئت عليه ونسختها (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به أحمد بن محمد بن حنبل أوصى أنه يشهد أن لا

إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره عَلَى الدين كله ولو كره المشركون وأوصى من أطاعه من أهله وقرابته أن يعبدوا الله تعالى في العابدين وأن يحمدوه في الحامدين وأن ينصحوا لجماعة المسلمين وإني رضيت بالله ربًا وبالإِسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا وأوصى أن لعبد الله فوران علي نحوًا من خمسين دينارًا وهو يصدق فيما قال فيقضى ماله على من غلة الدار إن شاء الله تعالى) انتهى. فلما مات أحله فوران من دينه ولم يأخذه فإنه كان من أعظم أصحابه ثم أن الإمام استدعى بالصبيان من ذريته فجعلوا ينضمون إليه وجعل يشمهم ويمسح بيده على رؤوسهم وعينه تدمع فقال له رجل لا تغتم لهم يا أبا عبد الله فأشار بيده أن لا وجعل يدعو لهم واشتدت به العلة يوم الخميس قال المروذي فلما كانت ليلة الجمعة ثقل وظننت أنه قبض وأردنا أن نمده فجعل يقبض قدميه وهو موجه وجعلنا نلقنه فيقول لا إله إلا الله وهو مستقبل القبلة بقدميه فلما كان يوم الجمعة اجتمع الناس حتى ملأوا السكك والشوارع فلما كان النهار من يوم الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين قبض رحمه الله وله سبع وسبعون سنة وكان مرضه تسعة أيام وبعض العاشر فصاح الناس وعلت الأصوات بالبكاء حتى كأن الدنيا قد ارتجت وقعد الناس فخفنا أن ندع الجمعة فأشرفت عليهم فأخبرتهم أنا نخرجه بعد صلاة الجمعة قال المروذي فلما فرغنا من غسله وأردنا أن نكفنه غلبنا عليه بنو هاشم وجعلوا يبكون عليه ويأتون بأولادهم فيبكون عليه ويقبلونه وكان له ثلاث شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فأوصى أن يجعل في كل عين شعرة وعلى لسانه شعرة

<<  <   >  >>