أعجب بالمرية، فنقل إليها قاعدة الكورة في العام ٣٤٤/٩٥٥ وأنشأ فيها عمائر ومنشآت كبيرة، حتى غدت من كبريات موانئ الأندلس.
وفي حديث المؤلف عن مدن الثغر الأعلى المقابلة للبلاد المسيحية الأسبانية، فإنا لا نراه يلمح التغير السياسي الذي يمكن أن يكون طرأ عليها. فهو يعتبرها من بلاد المسلمين التي عليها مواجهة البلاد المسيحية. ويمكننا أن نقرر أن ذلك كان في أيام الحكم القوي، أي في عهد الناصر وخليفته الحكم الثاني. لقد امتد النفوذ الإسلامي إلى المناطق الجبلية التي كان المسيحيون قد تراجعوا إليها إبان الفتح، وهو ما يذكره المؤلف في ختام حديثه عند جزيرة الأندلس. ويعتبر عصر عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم الثاني العصر الذهبي للأندلس، حيث خضع مسيحيو إسبانيا، وأقاموا علاقات طيبة مع المسلمين، حتى باتت قرطبة مقصد الأسبان المسيحيين يطلبون تحكيمها في خلافاتهم. وبدا أن حركة إعادة الغزو المسيحي قد كبح جماحها إلى غير رجعة.
وتستوقفنا ملاحظة أخرى، وهي أن المؤلف لم يتحدث عن الزهراء بل هو لم يذكرها، والمعروف أن بناءها ابتدأ في العام ٣٥٠ هـ وانتهى في العام ٣٦٥ هـ، مما يحمل على الظن بأن المؤلف وضع مصنفه قبل إنشائها.