وفي معنى حديث هذا الباب الحديث الآخر عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان](البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم) . ومعنى هذا أن إنكار المنكر بالقلب أضعف الإيمان أنه ليس هناك إيمان وراء هذا.
وأما السبب في ذلك أن الإيمان يستلزم حب شريعة الله تبارك وتعالى، والرغبة في تحكيمها، وأن تكون كلمته هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، فإذا لم يتحرك القلب تجاه المعصية فيبغضها ويبغض أهلها فمعنى هذا أنه رضي بالمنكر، والرضا بالمنكر إقرار له ومعنى هذا الانسلاخ من دين الله تبارك وتعالى ومضادة الإيمان به. فإذا انضاف إلى الإقرار والرضا الحب والمتابعة، والإشادة والمباركة فقد اجتمعت جريمتان: كفر وصد عن سبيل الله تبارك وتعالى لأن محبة المنكر أن يفشو والرغبة في أن يسود الباطل، إنما هو الرغبة في أن تكون كلمة الله دون كلمة الكفر.