فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} (النمل: ١٤) . أي تيقنت أنفسهم أن الآيات التي جاء بها موسى هي آيات الله حقاً وصدقاً، ولكنهم جحدوا أي أنكروا وكابروا وردوا الحق عن علم وبصيرة، وكذلك أخبر سبحانه وتعالى عن كفار العرب الذين كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عنهم:{قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون}(الأنعام: ٣٣) .
ومعنى هذا كله أن الكفر شرعاً هو رد الحق بعد معرفته، ومعنى هذا أن الذي يرد الحق جهلاً أو يفعل شيئاً من الكفر جاهلاً ظاناً أنه من الإسلام وأنه فعل ما لا يضاد الإيمان، فليس بكافر حتى تقوم الحجة عليه ويعلم الحق فيرده على النحو المبين سابقاً في تعريف الإيمان ومستلزماته ونواقضه، وكذلك لا يكون كافراً من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم يفعل مناقضاً للإيمان جاهلاً به غير عالم أنه مخرج له من الإيمان فإن علم ورد وكابر وجحد فقد كفر والعياذ بالله.
وقد فعل بعض الصحابة شيئاً من هذه المناقضات للإيمان عن جهل بحكمها فأنكر عليهم