للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أن يثاب على ما فعل، كمن ترك بعض واجبات الحج. فإن قيل: الفقهاء يقولون بطلت صلاته، قيل: الباطل في عرفهم ضد الصحيح، والصحيح عندهم ما حصل المقصود وبرئت به الذمة. فإن قيل في سؤال يؤمرون بالإعادة، ومن ترك شيئا من واجبات الإيمان لا يؤمر بالإعادة، قيل: ليس الأمر بالإعادة مطلقا، بل يؤمر بالممكن، فإن أمكنت الإعادة وإلا أمر بفعل الحسنات، كتارك الجمعة، فإنه لو أمر بالظهر فلا يسد مسدها، ولا يزول الإثم، وكذلك من ترك واجبا في الحج عمدا فإنه يؤمر به إن أمكن في الوقت، وإلا أمر بالدم، ولا يسقط عنه الإثم مطلقا، بل هذا يمكنه من البدل، وعليه أن يتوب منه توبة تغسل إثمه. ومن ذلك أن يأتي بحسنات تمحوه، وكذلك من فوت واجبا لا يمكنه استدراكه، وأما إذا أمكن استدراكه فعله بنفسه. وهكذا نقول فيمن ترك بعض واجبات الإيمان، بل كل مأمور تركه فقد ترك جزءا من إيمانه، فيستدركه بحسب الإمكان، فإن فات وقته تاب وفعل حسنات غيره، ولهذا اتفقوا على إمكان إعادة الصلاة في الوقت الخاص والمشترك، كمن يصلي الظهر بعد دخول العصر، ويؤخر العصر إلى الاصفرار فتصح صلاته، وعليه إثم التأخير، وهو من المذمومين في قوله: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ رضي الله عنهالَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} ١ وقوله: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ} ٢ فإنه تأخيرها عن وقتها الذي يجب فعلها فيه، فإنه إضاعة لها، وسهو عنها بلا نزاع أعلمه، وجاءت به الآثار عن الصحابة والتابعين، وقال صلى الله عليه وسلم في


١ سورة الماعون آية: ٤-٥.
٢ سورة مريم آية: ٥٩.

<<  <   >  >>