للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} ١ الآية. وفي الحديث: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة" ٢ إلخ، فتبين أن في من يقرأ القرآن مؤمنين ومنافقين. وإذا كانت سعادة الأولين والآخرين هي باتباع المرسلين، فمن المعلوم أن أحق الناس بذلك أعلمهم بآثارهم، وأتبعهم لها، وهم الطائفة الناجية من كل أمة، وهم أهل السنة والحديث من هذه الأمة. وأهل الكلام أكثر الناس شكا، وأضعفهم علما ويقينا؛ وهذا أمر يشهدونه من أنفسهم ويشهده الناس منهم، وشواهده أعظم من أن تذكر هنا.

وقيل إن الأشعري مع كونه أقربهم إلى السنة والحديث وأعلمهم به صنف في آخر عمره كتابا في تكافؤ الأدلة يعني أدلة أهل الكلام، قال أبو حامد: أكثر الناس شكا عند الموت أصحاب الكلام، والرازي من أعظم الناس في باب الحيرة لكن هو مسرف فيه، بحيث أنه يتهم في التشكيك، والشك في الباطل خير من الثبات على اعتقاده، لكن قل أن ثبت أحد على باطل محض، بل لا بد فيهم من نوع من الحق. وتوجد الردة فيهم كثيرا كالنفاق، وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال: لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، لكن يقع ذلك في طوائف منهم في أمور يعلم العامة والخاصة، بل اليهود والنصارى يعلمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة غيره، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام، ومثل أمره بالصلوات الخمس وتعظيم شأنها، ومثل معاداة المشركين وأهل الكتاب، ومثل تحريم الفواحش والميسر، ونحو ذلك؛ ثم تجد كثيرا من


١ سورة النساء آية: ٥١.
٢ البخاري: الأطعمة (٥٤٢٧) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٧٩٧) , والترمذي: الأمثال (٢٨٦٥) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٣٨) , وأبو داود: الأدب (٤٨٢٩) , وابن ماجه: المقدمة (٢١٤) , وأحمد (٤/٣٩٧ ,٤/٤٠٣ ,٤/٤٠٨) , والدارمي: فضائل القرآن (٣٣٦٣) .

<<  <   >  >>