رؤوسهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين، وإن كانوا قد يتوبون كالأقرع وعيينة ونحوهما، فإن فيهم من يتهم بالنفاق ومرض القلب، هم لما فيه من العلم يشبهون ابن أبي سرح لما ارتد ثم عاد إلى الإسلام.
ومن صنف في المشركين، أحسن أحواله أن يكون عاد إلى الإسلام، وكثير منهم هكذا تجده تارة يرتد ردة صريحة، وتارة يعود مع مرض في قلبه ونفاق؛ والحكايات عنهم بذلك مشهورة، وقد ذكر ابن قتيبة منها طرفا. وصنف الرازي كتابه في عبادة الكواكب والأصنام، وأقام الأدلة على حسنه ورغب فيه، وهذه ردة عن الإسلام إجماعا.
(١٣٥) العلم يحصل في النفس كما يحصل سائر الإدراكات والحركات بما يجعله الله من الأسباب وعاء
وعامة ذلك من الملائكة، فإن الله ينزل بها على قلوب عباده من العلم والقوة وغير ذلك ما يشاء، كما قال صلى الله عليه وسلم لحسان:"اللهم أيده بروح القدس" ١، وقال تعالى:{وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} . وذكر صلى الله عليه وسلم فيمن لم يطلب القضاء بعث الله له ملكا يسدده. وقال ابن مسعود:"كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر"، وقال:"إن للملك لمة وللشيطان لمة. فلمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق" هذا محفوظ عنه، وربما رفعه بعضهم، وهو جامع لأصول ما يكون من العبد من علم وعمل، وذلك أن العبد له قوة الشعور وقوة الإرادة والحركة، وإحداهما أصل الثانية مستلزمة لها، والثانية مستلزمة للأولى ومكملة لها، فبالأولى
١ البخاري: الصلاة (٤٥٣) , ومسلم: فضائل الصحابة (٢٤٨٥) , والنسائي: المساجد (٧١٦) , وأحمد (٥/٢٢٢) .