فلو نظرنا في المصنفات التي ألفت في السنة، والتي أعطت حيزاً كبيراً لسيرة الرسول، لوجدنا أن موطأ الإمام مالك (ت١٧٩هـ) ، يقع على رأس تلك المؤلفات، فقد ذكر طرفاً من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبار غزواته وذكر طرفاً من حياته الشخصية.
وهناك الصحيحان للبخاري (ت٢٥٦هـ) ومسلم (ت٢٦١هـ) ، فقد ذكرا في صححيهما قدراً كبيراً يتعلق بخصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، وفضائله، وحياته قبل البعثة، والجهاد، والغزوات، والسرايا والبعوث وغير ذلك من حياته الشخصية صلى الله عليه وسلم. ثم ما ذكرته بقية الكتب الستة في الأحاديث الصحيحة عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي: سنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجه، وسنن النسائي، وهناك أيضا بعض كتب المسانيد التي أَوْلَتْ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم قدراً مهماً من الأحاديث، مثل: مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت٢٤١هـ) ، وسنن الدارمي (ت٢٥٥هـ) . وغير ذلك من المؤلفات التي تخصصت في السنة النبوية الشريفة، إلا أن الأمر الذي يجب التنويه به، "أن مادة السيرة في كتب الحديث موثقة، يجب الاعتماد عليها، وتقديمها على روايات كتب المغازي، والتواريخ العامة، وخاصة إذا أوردتها كتب الحديث الصحيحة؛ لأنها ثمرة جهود جبارة قدمها المحدثون عند تمحيص الحديث، ونقده سنداً ومتناً، وهذا النقد والتدقيق الذي حظي به الحديث لم تحظ به الكتب التاريخية، ولكن ينبغي التفطن إلى أن كتب الحديث -بحكم عدم تخصصها-؛ لا تورد تفاصيل المغازي، وأحداث السيرة بل تقتصر على بعض ذلك، مما ينضوي تحت شرط المؤلف أو وقعت له روايته، وينبغي إكمال الصورة من كتب السيرة المختصة، وإلا فقد