٩٧- وقد بينت السنة: أن مجرد الخوف يفيد قصر العمل ومجرد السفر يفيد قصر العدد.
٩٨- فهذا كله مما يبين أن الصلاة وإن كانت أفضل الأعمال فإنها إذا اجتمعت مع الجهاد لم يترك واحد منهما بل يصلي بحسب الإمكان مع تحصيل مصلحة الجهاد بحسب الإمكان.
٩٩- وقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(لأنفال:٤٥) .
فأمر بالثبات والذكر معا.
١٠٠- وكانت السنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه وخلفاء بني أمية وكثير من خلفاء بني العباس: أن أمير الحرب هو أمير الصلاة في المقام والسفر جميعا.
الحكمة في كونه صلى الله عليه وسلم والمهاجرين كان مقامهم بالمدينة
١٠١- وما ذكرناه يبين بعض حكمة كون النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين كان مقامهم بالمدينة أفضل على أحد قولي العلماء؛ فإنهم كانوا بها مهاجرين مجاهدين مرابطين بخلاف مكة.
١٠٢- وهذا حيث كان الإنسان كذلك كان أفضل من المقام بالحرمين، حتى إن مالكا رضي الله عنه – مع فرط تعظيمه المدينة وتفضيله لها على مكة وكراهية الانتقال منها – لما سئل