للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبَّاسٍ، قال (١): بَعَثَ رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَالِد بن الوَلِيد بن المُغِيرَة المَخْزُوميّ على سَرِيَّةٍ ومعه في السَّرِيَّةِ عَمَّار بن يَاسِرٍ، قال: فخَرَجُوا حتَّى إذا أَتَوا قَريبًا من القَوْمِ الّذين أرادوا أنْ يُصَبِّحوهُم، نزلُوا في بعض اللَّيْلِ، قال: وجاءَ القَوْمَ النَّذِيْرُ فهَرَبُوا حيثُ بَلَغَهُم، قال: فأقامَ رَجُلٌ منهم كان قد أسْلَم هو وأهْلُ بَيْتهِ فأمَر أهْلَهُ فتحمَّلُوا، ثُمَّ قال: قفُوا حتَّى أُسْلَم، ثمّ جاء حتَّى دَخَلَ على عَمَّار، فقال: يا أبا اليَقْظَانِ، إنِّي قد أسْلَمتُ وأهْلُ بَيْتي، فهَل ذلك نَافِعي إنْ أنا أقَمْتُ، فإنَّ قَوْمي قد هَربُوا حيثُ سَمِعُوا بكم؟ قال: فقال له عَمَّار: فأقِم؛ فأنْت آمنٌ، فانْصَرفَ الرَّجُلُ هو وأهْلُه.

قال: وصَبَّح خَالِدٌ القَوْم فوجَدَهم قد ذهَبُوا، فأخَذ الرَّجُل هو وأهْلِه، فقال له عَمَّار: لا سَبِيْلَ لك على الرَّجُل قد أسْلَم، قال: وما أنْتَ وذاك أَتُجِيرُ عليَّ وأنا الأَمِير؟ قال: نَعَم؛ أُجِيْرُ عليكَ وأنتَ الأَمِير! إنَّ الرَّجُلَ قد آمنَ، ولو شَاء أنْ يَذْهَب كما ذَهَب أصْحَابه، فأمرَهُ (a) بالمقام لإسْلَامِهِ، فتَنَازعا في ذلك حتَّى تَشَاتَما، فلمَّا قَدِمَا المَدِينَة اجْتَمَعا عند رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذَكَرَ عَمَّارٌ الرَّجُلَ وما صَنَعَ، فأجازَ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَانَ عَمَّارٍ، ونَهَى يَوْمئذٍ أنْ يُجِير أحدٌ على أميرٍ، فتَشَاتَما عندَ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال خَالِدٌ: يا رسُول اللهِ، أَيَشْتُمني هذا العَبْدُ عندَكَ؟! أمَا واللهِ لولاكَ ما شَتَمَني! فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كُفَّ يا خَالِدُ عن عَمَّارٍ؛ فإنَّهُ مَنْ يُبْغض عَمَّارًا يُبْغِضْهُ اللهُ عزَّ وجلَّ، ومَنْ يَشْتم عَمَّارًا يَشْتمهُ الله عزَّ وجلَّ، ومَنْ يَلْعَن عَمَّارًا يَلْعَنْهُ اللهُ عزَّ وجلَّ.


(a) في كنز العمال: فأمرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>