للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قامَ عَمَّارٌ فوَلَّى، واتَّبَعَهُ خَالِدُ بن الوَلِيدِ حتَّى أخَذَ بثَوْبهِ، فلم يَزَلْ يترضَّاهُ حتَّى رَضِي، ونَزَلت هذه الآيةُ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}: أُمَرَاءَ السَّرَايَا، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} فيكُون اللهُ ورَسُولهُ هو الّذي يَحْكم فيه {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (١) يقُول خَيْرُ عاقبةٍ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس الخَزَّاز (a)، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن أبي حَيَّة (b)، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوب بن عُتْبَة، عن عُثْمان بن مُحَمَّد الأَخْنَسِيّ، عن عَبْدِ المَلك بن أبي بَكْر بن عبد الرَّحْمن بن الحَارِث، قال: أمَرَ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَالِد بن الوَلِيد أنْ يُغِير على بني كِنَانَة إلَّا أنْ يَسْمَع آذانًا أو يَعْلم إسْلَامًا، فخَرَج حتَّى انْتَهَى إلى بني جَذِيْمَة، فامْتَنعُوا أشَدَّ الامْتِنَاعِ، وقامُوا وتلبَّسُوا السِّلاح، فانْتَظَرتُهم صَلَاة العَصْر والمَغْرب والعِشَاء لا نَسْمَعُ آذانًا، ثُمَّ حَمَل عليهم فقَتَل منْ قَتَل، وأَسَرَ مَنْ أَسَر، فادَّعَوا بَعْدُ الإسْلَام.

قال عَبْدُ المَلِك: وما عتَبَ عليه رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك، ولقد كان المُقَدَّمَ حتَّى ماتَ، ولقد خَرَج معه بعدَ ذلك إلى حُنَيْن على مُقَدِّمتهِ، وإلى تَبُوك، وبَعَثَهُ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أُكَيْدِر دُوْمَة الجَنْدَل فسَبَى مَنْ سَبى، ثمّ صالَحهم، ولقد بَعَثَهُ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بلحَارِث بن كَعْب إلى نَجْرَان أميرًا ودَاعِيًا إلى الله، ولقد خَرَج مع رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حِجَّةِ الوَدَاع، فلمَّا حَلَق رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأسَهُ أعْطاهُ ناصيَته، فكانت في مُقَدَّم قَلَنْسُوَته، فكان لا يَلْقى أحَدًا إلَّا هَزَمَهُ اللهُ تعالَى.


(a) الأصل: الخرار، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد ٤: ٢٠٥ - ٢٠٦.
(b) مهملة في الأصل، وتقدم التعليق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>