للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد قَاتَل يَوْم اليَرْمُوك فوَقَعَتْ قَلَنْسُوَتُه فجَعَل يَقُول: القَلَنْسُوَة، القَلَنْسُوَة! فقيل له بعد ذلك: يا أبا سُليْمان، عَجَبًا لطلبكَ القَلَنْسُوَة وأنْتَ في حَوْمَة القِتَالِ!؟ فقال: إنَّ فيها نَاصِيَة النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولَم ألْقَ بها أحدًا إلَّا وَلَّى.

ولقد تُوفِّي خَالِد يَوْمَ تُوفِّي وهو مُجَاهِدٌ في سَبِيْل الله وقَبْرُه بحِمْصَ؛ فأخْبَرَني مَنْ غَسَّلَهُ وحضَرَهُ ونَظَرَ إلى ما تحت ثِيَابهِ ما فيه مُصِحّ ما بين ضَرْبَة بسَيْفٍ أو طَعْنَة برُمْحٍ أو رَمْيَة بسَهْمٍ، ولقد كان عُمَر بن الخَطَّابِ الّذي بينَهُ وبينه ليس بذك، ثُمَّ يَذْكرهُ بعدُ فيَتَرحَّم عليه، ويتَنَدَّم على ما كان صَنَعَ في أمْره، ويقُول: سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ تعالَى، ولقد نَزَلَ رِسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم حين هَبَطَ من لِفْت (a) في حجَّتهِ ومعه رَجُلٌ، فقال رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَنْ هذا؟ فقال الرَّجُل: فُلَان، قال: بئس عَبْد الله فُلَان، ثمّ طَلعَ آخر فقال: منْ الرَّجُل؟ فقال: فُلَان، فقال: بئس عَبْد الله فُلَان، ثُمَّ طَلعَ خَالِد بن الوَلِيد، فقال: مَنْ هذا؟ قال: خَالِد بن الوَلِيد، قال: نِعْم عَبْد الله خَالِد بن الوَلِيد.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو السُّعُود أحْمَدُ بن عليّ بن المُجْلِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن المُهْتَدي، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن النَّضْر الدِّيْبَاجِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد الله بن مُبَشِّر الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حَرْب أبو عَبْد اللهِ النَّسَائِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مَرْوَان يَحْيَى بن أبي زَكَرِيَّاء الغَسَّانِيّ، عن هِشَام، عن عُرْوَة أنَّ أبا بَكْر بَعَثَ خَالِد بن الوَلِيد إلى بني سُلَيم حين ارْتَدُّوَا عن الإسْلَام، فقَتَلَ وحَرَق بالنَّارِ، فكلَّم عُمَر أبا بَكْر فقال: بَعثْتَ رَجُلًا يُعَذّب بعَذَاب اللهِ! انْزَعهُ، فقال أبو بَكْر: لا أَشِيم سَيْفًا سَلَّهُ اللهُ عزَّ وجلَّ على الكُفَّار، حتَّى يكُون اللهُ الّذي يَشِيمُهُ.


(a) مهملة في الأصل، وهي موضع وثنية بين مكة والمدينة، وفي ضبطها وجوه مختلفة. انظر: ياقوت: معجم البلدان ٥: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>