للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

وهو حَسْبُنا ونِعْمَ الوَكِيل

الحَمْدُ لله مُبْدِئ العالَمِ ومُبِيدِه، وناشِرِهِ منَ الأجْداثِ ومُعِيدِه، وخالِقِ الخَلْقِ على أحْسَنِ تَقْوِيم، ومُكَرِّمِهم على سائِرِ المَخْلُوقاتِ بالعَقْلِ الرّاجِحِ والطَّبْعِ السَّلِيم، وجاعِلِ اختِلافِ أَلسِنَتِهم وألْوانِهم دليلًا على الصَّمَدِيّة التي لا تَنْفَد، والوَحْدانيّةِ التي لا تُجْحَد. والصَّلاةُ والسَّلامُ على سَيِّدِنا مُحمَّد، المَبْعُوثِ إلى الأحْمَرِ والأسْوَد، وعلى آلِهِ وأصْحابِهِ أُولي الرَّأْيِ الصّائِبِ والفِعْلِ الأرْشَد، وسَلَّمَ ومَجَّد.

وبعدُ: فإنَّ عِلْمَ التّارِيخ من أحْسَنِ العُلُومِ وأشْهاها، وأجَلِّ الفَوائِدِ وأبْهاها، وأكْمَلِ المُحاضَراتِ وأزْهاها. لأنّه سَبِيلٌ إلى الاعْتِبارِ، ومِنْهاجٌ يُعِينُ على الاسْتِبْصارِ، وتُحْفةٌ تُريكَ مَن مَضَى منَ الأُمم عَيانا، ونُزْهةٌ تَشْرَحُ للمُطالِعِ فيه قَلْبًا، وتَبْسُطُ لهُ لِسانًا. وكانَ تاريخُ الشَّيْخ، الإمام العَلّامة الحافِظ المُفْتِي، شِهابِ الدِّين عبدِ الرَّحمن بن إسماعيلَ المَقْدِسيِّ، المعروف بأبي شامةَ -رحمهُ الله تعالى- الذي جَعَلَهُ ذَيْلًا على كتابِهِ المُسَمّى بـ"الرَّوْضَتَيْنِ في أخبارِ الدَّولَتَيْن"، ورَتَّبَهُ على السِّنِين، وابْتَدَأَ فيه من أوَّلِ سَنةِ تِسْعِينَ وخَمْسِ مئة، وانتهَى فيهِ إلى سَنةِ وَفاتِه، سَنةَ خَمْسٍ وسِتِّينَ وستِّ مئة -وهي سَنةُ مَوْلِدي- مَجموعًا حَسَنًا، وذَيْلًا مُسْتَحْسَنًا. ولمّا طالَعْتُهُ، وحَصَّلتُ بهِ نُسْخةً وقابَلْتُهُ، أحْبَبْتُ أنْ أُذَيِّلَ عليهِ من تلكَ السَّنةِ، وأنْ أحْذُوَ حَذْوَهُ فيما أتْقَنَهُ وبَيَّنَهُ، وأنْ أهْتَدِيَ بأنوارِهِ، وأنْ أُعَدَّ من جُملةِ أعوانِهِ وأنْصارِه، ليكونَ تارِيخُهُ مَعْلَمًا، وإتقانُهُ مُحْكَمًا. والمَسْؤُولُ من لُطْفِ اللهِ تعالى الإعانةُ، ومن جَمِيلِ كَرَمِهِ الإبانةُ. ومن هاهُنا أبْتَدِئُ فأقولُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>