للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورضيوا بذلك عن الشَّيخ كمال الدِّين وعَظَّمُوه وأثنوا عليه وعلى بَحْثه وفَضَائله، وخَرَجوا من هناك والأمر قد انفصَلَ، وانصرفَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين إلى منزلِه.

والذي حَمَلَ الأميرَ على هذا الفِعل كتابٌ وردَ عليه من مِصْر في هذه المعنى؛ وكانَ السَّبب فيه القاضي زَيْن الدِّين المالكي قاضي دِيار مِصْر، والشَّيخ نَصْر المَنْبِجيّ. وبعد ذلك عَزَّرَ بعضُ القُضاة بدمشق لشخص ممّن يلوذ بالشَّيخ تَقِيّ الدِّين، وطُلِبَ جَماعة، ثم أُطلقوا. ووقَعَ هَرَج في البَلَد.

وكانَ الأميرُ نائبُ السَّلْطنة قد خرجَ للصَّيد وغابَ نحو جُمُعة ثم حضر.

وفي يوم الاثنين الثاني والعِشْرين من رَجَب قرأ المُحَدِّث جمالُ الدِّين المِزّيّ فَصْلًا في الرَّدِّ على الجَهْمية من كتاب "أفعال العباد" تصنيف البُخاري. وكانت قراءته لذلك في المَجْلس المَعْقُود لقراءة "الصحيح" تحتَ النَّسْر، فغَضِبَ لذلك بعض الفُقهاء الحاضِرين وقالوا: نحنُ المَقْصودونَ بهذا، ورَفَعُوا الأمرَ إلى قاضي القُضاة الشّافعيّ، فطلَبَهُ ورَسَم بحَبْسه، فبلغَ ذلك الشَّيخ تَقِيّ الدِّين فتألَّمَ له، وأخرَجَهُ من الحَبْس بنفسِه، وخَرَجَ إلى القَصْر فاجتمعَ هو وقاضي القُضاة هناك، وردَّ الشَّيخ تَقِيّ الدِّين عن المِزّيّ، وأثنَى عليه، وغَضِبَ قاضي القُضاة، وأعادَ المِزّيّ إلى حَبْسه بالقُوصيّة، فبقيَ أيامًا.

وذكرَ الشَّيخ تَقِيُّ الدِّين ما وقعَ في غَيْبة الأمير في حَقِّ بعض أصحابه من الأذَى، فرَسَم الأمير فنُودي في البَلَد أنَّهُ من تكلَّم في العقائد حَّل مالُه ودمُه، ونُهِبت داره وحانوته، وقصد الأمير تَسْكين النّاس بذلك" (١).

"وفي يوم الثُّلاثاء سابع شَعْبان عُقد للشيخ تَقِيّ الدِّين مَجْلس ثالث بالقَصْر ورضي الجَماعة بالعَقِيدة.


(١) المقتفي ٤/ ٢٢٣ - ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>