للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم مناكحة غيرهم من الأمم، لئلا يوافقوا الأزواج فى عبادة الأصنام والشرك. وحرم عليهم فى التوراة أكل ذبائح الأمم التى يذبحونها قرباناً إلى الأصنام. لأنه قد سمى عليها اسم غير الله تعالى. فأما الذبائح التى لم تذبح قربانا للأصنام فلم تنطق التوراة بتحريمها. وإنما نطقت بإباحة الأكل من أيدى غيرهم من الأمم وموسى عليه السلام إنما نهاهم عن مناكحة عباد الأصنام، وأكل ما يذبحونها على اسمها.

فما بال هؤلاء لا يأكلون من ذبائح المسلمين وهم لا يذبحون للأصنام، ولا يذكرون اسمها عليها؟

فلما نظر أئمتهم إلى أن التوراة غير ناطقة بتحريم مآكل الأمم عليهم إلا عباد الأصنام، وأن التوراة قد صرحت بأن تحريم مؤاكلتهم ومخالطتهم خوف استدراج المخالطة إلى المناكحة وأن مناكحتهم إنما منع منها خوف استتباعها إلى الانتقال إلى أديانهم وعبادة أوثانهم، ووجدوا جميع هذا واضحا فى التوراة. اختلقوا كتابا فى علم الذباحة، ووضعوا فيه من التشديد والآصار والأغلال ما شغلوهم به عما هم فيه من الذل والمشقة.

وذلك أنهم أمروهم أن ينفخوا الرئة حتى يملؤها هواء ويتأملوها، هل يخرج الهواء من ثقب منها أم لا؟ فإن خرج منها الهواء حرموها. وإن كان بعض أطراف الرئة لاصقا ببعض لم يأكلوه.

وأمروا الذى يتفقد الذبيحة أن يدخل يده فى بطن الذبيحة، ويتأمل بأصابعه، فإن وجد القلب ملتصقا إلى الظهر، أو أحد الجانبين، ولو كان الالتصاق بعرق دقيق كالشعرة، حرموه، ولم يأكلوه. وسموه طريفا. يعنون بذلك أنه تنجس وأكله حرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>