للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عند الله تبارك وتعالى فقال: ... فلا طريق إلى معرفة الله وإلى الوصول إلى رضوانه والفوز بقربه ومجاورته في الآخرة، إلا بالعلم النافع الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، فهو الدليل عليه، وبه يهتدى في ظلمات الجهل والشبه والشكوك، ولهذا سمى الله كتابه نورا يهتدى به في الظلمات. قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)} (١) ... (٢).

كما بين أيضًا رحمه الله تعالى أن معرفة الله تبارك وتعالى وخشيته ومحبته والأنس به جنة معجلة في الدنيا، وهذه الجنة لا تحصل إلا لمن دله علمه عليها وهو العلم النافع الذي تكون نهايته دخول الجنة، وأما من لم يتعلم العلم النافع الذي هو معرفة الله وخشيته فإنه يحرم جنة الدنيا المعجلة ونهايته في الآخرة والعياذ بالله العذاب الأليم وما ذلك إلا بسبب عدم الانتفاع بالعلم الذي تعلمه فقال رحمه الله تعالى: اعلم أن في الدنيا جنة معجلة وهي معرفة الله ومحبته والأنس به والشوق إلى لقائه وخشيته وطاعته، والعلم النافع يدل على ذلك، فمن دله علمه على دخول الجنة المعجلة في الدنيا دخل الجنة في الآخرة، ومن لم يشم رائحتها لم يشم رائحة الجنة في الآخرة، ولهذا كان أشد الناس عذابًا في الآخرة عالم لم ينفعه الله بعلمه، وهو من أشد الناس حسرة يوم القيامة، حيث كان معه آلة يتوصل بها إلى أعلى الدرجات وأرفع المقامات، فلم يستعملها إلا في التوصل إلى أخس الأمور وأدناها وأحقرها فهو كمن معه جواهر نفيسة لها قيمة فباعها ببعرة أو شيء


(١) سورة المائدة الآيتان (١٥، ١٦).
(٢) جامع العلوم والحكم (٣/ ١٠٩).

<<  <   >  >>